وقال : « أوّل ما خلق الله القمّل في ذلك الزّمان ، فلم يخلّ عن بني إسرائيل ، فأرسل الله عليهم بعد ذلك الضّفادع ، فكانت تكون في طعامهم وشرابهم ويقال إنّها تخرج من أدبارهم وآذانهم وآنافهم ، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا ، فجاءوا إلى موسى عليهالسلام فقالوا : ادع الله يذهب عنّا الضّفادع ، فإنا نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا موسى عليهالسلام ربّه ، فرفع الله عنهم ذلك.
فلمّا أبوا أن يخلّوا عن بني إسرائيل حوّل الله ماء النيل دما ، فكان القبطيّ يراه دما ، والاسرائيلي يراه ماء ، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماء ، وإذا شربه القبطيّ يشربه دما ، فكان القبطيّ يقول للإسرائيلي : خذ الماء في فيك وصبّة في فيّ ، فكان إذا صبّه في فم القبطي تحوّل دما ، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا فقالوا لموسى عليهالسلام : لئن رفع عنّا الدّم لنرسلنّ معك بني إسرائيل ، فلمّا رفع الله عنهم الدّم غدروا ولم يخلّوا عن بني إسرائيل » (١) الخبر.
وقيل : إنّ المراد بالطّوفان الموت (٢) .
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « الطّوفان هو الموت » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل ما الطّوفان ؟ فقال : « هو طوفان الماء والطّاعون » (٤) .
وعن سعيد بن جبير : كان إلى جنبهم كثيب أعفر (٥) ، فضربه موسى عليهالسلام بعصاه فصار قمّلا ، فأخذت في أبشارهم وأشعارهم وأشفار عيونهم وحواجبهم ، ولزم جلودهم كأنّه الجدري ، فصاحوا وصرخوا وفزعوا إلى موسى عليهالسلام فرفع عنهم فقالوا : قد تيقّنّا الآن أنّك ساحر عليم ، وعزّة فرعون لا نؤمن لك أبدا(٦).
وقيل : إنّ المراد بالقمّل الجراد الصّغار الذي لا أجنحة له (٧) .
وقيل : إنّ المراد بالدّم أنّه تعالى سلّط عليهم الرّعاف (٨) .
ثمّ أنّه روي أنّ موسى عليهالسلام مكث فيهم بعدما غلب السّحرة عشرين سنة يريهم الآيات ، ثمّ لمّا أصرّوا على الكفر والطّغيان نزل عليهم الرجز ، قيل : هو الأنواع الخمسة المذكورة من العذاب ، وقيل : هو الطّاعون ، قال به سعيد بن جبير ، وقال : فمات به من القبط تسعون (٩) ألف إنسان في يوم واحد ، فتركوا غير مدفونين (١٠) .
وفي الرّواية السابقة ، عن الباقر عليهالسلام : « فأرسل الله عليهم الرّجز ؛ وهو الثّلج ، ولم يروه قبل ذلك ،
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٣٧ ، وفي مجمع البيان ٤ : ٧٢١ ، وتفسير الصافي ٢ : ٢٣٠ عن الباقر والصادق عليهماالسلام.
(٢ و٣) . تفسير الرازي ١٤ : ٢١٨.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٥٧ / ١٦٠٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٩.
(٥) الكثيب الأعفر : الرّمل الأحمر ، أو الأبيض القليل البياض.
( ٦ - ٧ ) . تفسير الرازي ١٤ : ٢١٨.
(٩) في تفسير الرازي : سبعون.
(١٠) تفسير الرازي ١٤ : ٢١٩.