التّهديد من فرعون في بني إسرائيل خافوا منه خوفا شديدا.
﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ
عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨) قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا
قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ
تَعْمَلُونَ (١٢٩)﴾
﴿قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ﴾ وأتباعه تسلية لهم ، وتقوية لقلوبهم : يا قوم ، لا تخافوا ولا تحزنوا ، و﴿اسْتَعِينُوا بِاللهِ﴾ واستنصروا منه في دفع تعدّيات فرعون وقومه ، وتوكّلوا على الله ﴿وَاصْبِرُوا﴾ على ما أصابكم في سبيله ، ولا تصغوا إلى ما قال فرعون من الأباطيل ﴿إِنَ﴾ هذه ﴿الْأَرْضَ﴾ التي يدّعي فرعون السّلطنة فيها ﴿لِلَّهِ﴾ خاصّة لا لفرعون وغيره ، وهو تعالى ﴿يُورِثُها﴾ ويسلّط على التصرّف فيها ﴿مَنْ يَشاءُ﴾ سلطنته ﴿مِنْ عِبادِهِ﴾ إلى أجل معلوم ، ليس الأمر بيد فرعون ﴿وَالْعاقِبَةُ﴾ المحمودة من الغلبة والنّصرة وخير الآخرة ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ والمنزّهين من الشّرك والعصيان ، وأنتم منهم ، وفيه وعد بالنّصر وإهلاك القبط.
عن الباقر عليهالسلام قال : « وجدنا في كتاب عليّ عليهالسلام : ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ أنا وأهل بيتي الّذين أورثنا الله الأرض ، ونحن المتّقون ، والأرض كلّها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمّرها فليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها حتّى يظهر القائم من أهل بيتي » الخبر (١) .
فلم تستكن قلوب بني إسرائيل من الاضطراب ، ولذا ﴿قالُوا﴾ : يا موسى ، قد كنّا ﴿أُوذِينا﴾ من ظلم فرعون وقومه ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا﴾ بالرّسالة ﴿وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا﴾ رسولا.
عن القمّي رحمهالله قال : قال الّذين آمنوا بموسى عليهالسلام : قد أوذينا قبل مجيئك يا موسى بقتل أولادنا ، ومن بعد ما جئتنا. لمّا حبسهم فرعون لإيمانهم بموسى عليهالسلام (٢) .
فلمّا رأى موسى شدّة خوف قومه من تهديدات فرعون ، وعدم تسكين قلوبهم بما أشعر به في كلامه السّابق من الوعد بهلاك فرعون ونصرتهم عليه ، صرّح بما كنّى عنه بقوله : ﴿قالَ عَسى رَبُّكُمْ﴾ اللّطيف بكم ، وأرجو منه ﴿أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ﴾ فرعون ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ﴾ ويمكّنكم بعد إهلاكه ﴿فِي﴾
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ١٥٧ / ١٦٠٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٨.
(٢) تفسير القمي ١ : ٢٣٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٢٨.