على العمل بأحكامه ﴿مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ وصدّق بربوبيّته وتوحيده ﴿وَتَبْغُونَها﴾ وتطلبون لها ﴿عِوَجاً﴾ وميلا وانحرافا عن الاستقامة التي تكون للحقّ بإلقاء الشّبهات والحيل والتّسويلات.
في كيفية دعوة شعيب ومحاجّته
ثمّ رغّبهم في الإيمان والطاعة بقوله : ﴿وَاذْكُرُوا﴾ نعمة الله عليكم ﴿إِذْ كُنْتُمْ﴾ في بدو الأمر ﴿قَلِيلاً﴾ من حيث النّسل والمال ﴿فَكَثَّرَكُمْ﴾ فيهما بفضله ورحمته.
ثمّ وعظهم وهدّدهم على الكفر والمخالفة بقوله : ﴿وَانْظُرُوا﴾ وتفكّروا في الأمم الماضية أنّه ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ﴾ أمر ﴿الْمُفْسِدِينَ﴾ في الأرض منهم ؛ كقوم نوح وعاد وثمود ، واعتبروا بهم ، واحذروا أن تكونوا مثلهم في الكفر والشّقاق مع الرّسل واستحقاق عذاب الاستئصال.
﴿وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى
يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ * قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ
لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ
أَ وَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا
اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ
عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ
* وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً
لَخاسِرُونَ (٨٧) و (٩٠)﴾
ثمّ لمّا كان الكفّار يطعنون على المؤمنين بالفقر ويقولون لهم : لو كنتم على الحقّ لكان لكم القوّة والثّروة ، وحيث إنّ لنا الغنى والشّوكة كان الحقّ معنا ، ردّهم بأنّ الحقّ لمن كان له حسن العاقبة ، وسلّى قلوب المؤمنين به ، وهدّد الكفّار بالعذاب بقوله : ﴿وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ من التّوحيد ودار الجزاء وأحكام الله وقوانينه المقرّرة في شرعه ﴿وَطائِفَةٌ﴾ اخرى منكم ﴿لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ بما جئت به إصرارا على الكفر ، ولجاجا مع الحقّ ﴿فَاصْبِرُوا﴾ يا قوم وتربّصوا ، ولا تغترّوا بما آتاكم الله في الدّنيا ﴿حَتَّى﴾ يأتي الوقت الموعود ، وهو يوم القيامة ، أو وقت نزول عذاب الاستئصال ، إذن ﴿يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا﴾ وبينكم بالحق من نصري ونصر من معي وإعلاء درجاتنا ، وخزي الكافرين وتعذيبهم ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ﴾ وأعدل القاضين ، لا معقّب لحكمه ، ولا رادّ لقضائه.
في محاجة شعيب مع قومه وكيفية هلاك القوم
﴿قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ وترفّعوا عن قبول الحقّ ﴿مِنْ قَوْمِهِ﴾ بعد المواعظ الشافية والنّصائح البليغة : ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ﴾ بالأصالة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ﴾