عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق ، ولكنه جعل الأناة والمداراة مثالا لا منائه ، وإيجابا للحجة على خلقه » (١) .
وعن الرضا عليهالسلام : « وكان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه عزوجل خلقها في ستة أيام ليظهر على الملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء ، فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى مرة بعد مرة»(٢) .
وقيل : للتنبيه على أن لكل شيء حدا محدودا وو قتا معينا ، فلا يدخله في الوجود إلا على ذلك الوجه ، فتأخير ثواب المطيعين وعقاب العاصين لذلك.
﴿ثُمَّ اسْتَوى﴾ واستولى بعلمه وتدبيره ﴿عَلَى الْعَرْشِ﴾ . عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « استوى تدبيره ، وعلا أمره » (٣) .
وعن الكاظم عليهالسلام : « استولى على ما دق وجل » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « استوى على كل شيء ، فليس شيء أقرب إليه من شيء » (٥) .
وفي روآية : « لم يبعد منه بعيد ، ولم يقرب منه قريب » (٦) .
فحاصل الروايتين (٧) : أن المراد بالعرش جميع الموجودات ؛ كما مر في آية الكرسي أنه أحد معنييه.
وقيل : إن المراد بالعرش هو السرير (٨) ، كما هو معناه لغة ، وكنى به عن الملك ، فإنه إذا اختل ملك ملك يقال : ثل عرشه ، وإذا استقام ملكه واطرد أمره وحكمه يقال : استوى على عرشه واستقر على سرير ملكه.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « إن الملائكة تحمل العرش ، وليس العرش كما يظن كهيئة السرير ، ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر ، وربك عزوجل مالكه ، لا أنه عليه ؛ ككون الشيء على الشيء » (٩) .
ثم استشهد سبحانه على كمال قدرته وتدبيره بقوله : ﴿يُغْشِي﴾ ويغطي ﴿اللَّيْلَ﴾ بظلمته ﴿النَّهارَ﴾ ويذهب بنوره ، وهو مع ذلك ﴿يَطْلُبُهُ﴾ ويشتاق إلى مجيئه بعده ﴿حَثِيثاً﴾ وسريعا لا يفصل بينهما شيء ، فإن في تنظيم تعاقب الليل والنهار - مع وضوح أن فيه منافع عظيمة ؛ إذ به يتم أمر الحياة ،
__________________
(١) الاحتجاج : ٢٥٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٣.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٣٤ / ٣٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٣.
(٣) الاحتجاج : ٢٥٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٤.
(٤) الاحتجاج : ٣٨٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٤.
(٥) الكافي ١ : ٩٩ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٤.
(٦) الكافي ١ : ٩٩ / ٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٤.
(٧) أي اللتين عن الامامين الكاظم والصادق عليهماالسلام.
(٨) تفسير روح البيان ٣ : ١٧٤.
(٩) التوحيد : ٣١٦ / ٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٠٥.