الرِّزْقِ﴾ وقال الله : ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾(١) .
وعنه عليهالسلام ، أنّه رآه سفيان الثّوري وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان ، فقال : والله ، لآتينّه ولاوبّخنّه ، فدنا منه فقال : يابن رسول الله ، ما لبس رسول الله صلىاللهعليهوآله مثل هذا اللباس ، ولا عليّ ولا أحد من آبائك ؟ فقال [ له ] : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في زمان قتر مقتر ، وكان يأخذ لقتره وإقتاره ، وإنّ الدّنيا بعد ذلك أرخت عزاليها (٢) ، فأحقّ أهلها بها أبرارها - ثمّ تلا هذه الآية ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ﴾ الآية - فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله ، غير أنّي يا ثوري ، ما ترى عليّ من ثوب إنّما ألبسه للنّاس » .
ثمّ اجتذب يد سفيان فجرّها إليه ، ثمّ رفع الثّوب الأعلى وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا ، فقال : هذا لبسته لنفسي ، وما رأيته للنّاس. ثمّ جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل ذلك الثّوب ثوب ليّن ، فقال : « لبست هذا الأعلى للنّاس ، ولبست هذا لنفسك تسرّها » (٣) .
وعنه عليهالسلام ، أنّه كان متكئا على بعض أصحابه ، فلقيه عبّاد بن كثير وعليه ثياب مرويّة (٤) حسان فقال : يا أبا عبد الله ، إنّك من أهل بيت النّبوّة ، وكان أبوك من كان (٥) ، فما هذه الثّياب المرويّة عليك ؟ فلو لبست دون هذه الثّياب ؟ فقال له : « ويلك يا عبّاد ﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ إنّ الله عزوجل إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يراها عليه ، ليس بها بأس ، ويلك يا عبّاد ، إنّما أنا بضعة من رسول الله صلىاللهعليهوآله فلا تؤذني » . وكان عبّاد يلبس ثوبين من قطن (٦) .
وعنه عليهالسلام أنّه قيل له : أصلحك الله ، ذكرت أنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان يلبس [ الخشن ، يلبس ] القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ، ونرى عليك اللّباس الجيّد ؟ فقال له : « [ إنّ ] عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهّر به ، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله ، غير أنّ قائمنا إذا قام لبس لباس عليّ عليهالسلام وسار بسيرته » (٧) .
ثمّ لمّا لم يكن للمشركين جواب عن السؤال الإنكاري غير السّكوت ، أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله بالجواب عن سؤال نفسه بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد : ما حرّم الله الزّينة والطّيّبات على أحد ، بل ﴿هِيَ﴾ حلال ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالأصالة ﴿فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ وللمشركين والكفّار بتبعهم ، وتكون للمؤمنين حال كونها ﴿خالِصَةً﴾
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٤١ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ١٩١.
(٢) العزالي : جمع عزلاء ، وهو مصبّ الماء من القربة ونحوها ، وأرخت الدنيا عزاليها : بمعنى كثر نعيمها.
(٣) الكافي ٦ : ٤٤٢ / ٨ ، تفسير الصافي ٢ : ١٩١.
(٤) نسبة إلى مرو ، وهي بلدة بخراسان.
(٥) في الكافي : وكان.
(٦) الكافي ٦ : ٤٤٣ / ١٣ ، تفسير الصافي ٢ : ١٩٢ ، وفيه : ثوبين قطريين.
(٧) الكافي ٦ : ٤٤٤ / ١٥ ، تفسير الصافي ٢ : ١٩٢.