﴿وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ
الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ
عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا
مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد العتاب على اللّعين وطرده من الجنة ووعيده بالنّار ، خاطب آدم عليهالسلام لطفا به ورحمة عليه بقوله : ﴿وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ﴾ حوّاء ﴿الْجَنَّةَ﴾ ودار الكرامة ﴿فَكُلا﴾ وتمتّعا ﴿مِنْ حَيْثُ شِئْتُما﴾ ومن أيّ نوع من الثّمار والنّعم ﴿وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ - مرّ تفسيره في البقرة (١) - ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ﴾ وزيّن في نظرهما قرب الشّجرة والأكل منها ببياناته المموّهة ﴿لِيُبْدِيَ لَهُما﴾ ويبرز في نظرهما ﴿ما وُورِيَ﴾ وستر ﴿عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما﴾ وعوراتهما ، ويخزيهما بانكشافها عند الملائكة.
قيل : إنّ اللّعين علم أنّ لهما سوءة ، وأنّهما إن أكلا منها بدت ، بقراءته في كتب الملائكة ، ولم يكن آدم يعلم ذلك.
أقول فيه : إنّ الله علّم آدم علم كلّ شيء ، فكيف يمكن أن لا يعلم عورة نفسه ؟ ، مع أنّه يلزم أن يكون إبليس أعلم منه.
وقيل : لم يرياها من أنفسهما ، ولا أحدهما من الآخر.
وعن الصادق عليهالسلام : « كانت سوآتهما لا تبدو لهما » ، يعني كانت داخلة (٢) .
أقول : يحتمل كون التّفسير من الرّاوي.
ثمّ بيّن سبحانه كيفيّة وسوسة الشّيطان بقوله : ﴿وَقالَ﴾ اللّعين لآدم وزوجته : ﴿ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ﴾ الأكل من ﴿هذِهِ الشَّجَرَةِ﴾ لعلّة من العلل ﴿إِلَّا﴾ كراهة من ﴿أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ﴾ لطيفين قويّين غنيّين عن ما يحتاج إليه البشر من الطّعام والشّراب وغيرهما ﴿أَوْ تَكُونا﴾ في الجنّة ﴿مِنَ الْخالِدِينَ﴾ والدّائمين ، لا تخرجون منها ولا تموتون.
﴿وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ
لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ
__________________
(١) تقدم في تفسير الآية (٣٥) من سورة البقرة.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٤٠ / ١٥٥٤ ، تفسير القمي ١ : ٢٢٥ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٦.