عن الصادق عليهالسلام : « يموت إبليس ما بين النّفخة الاولى والثانية » (١) .
وعنه عليهالسلام : « أنظره إلى يوم يبعث فيه قائمنا » (٢) .
عن ابن عبّاس : أنّ الدّهر يمرّ بإبليس فيهرم ، ثمّ يعود ابن ثلاثين (٣) .
﴿قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ
شاكِرِينَ (١٦) و (١٧)﴾
ثمّ أنّ اللّعين بعدما رأى إسعاف مسألتة ﴿قالَ﴾ معارضة لله : ﴿فَبِما أَغْوَيْتَنِي﴾ وبسبب أن أوقعتني في عصيانك بأمرك إيّاي بالسّجود ، بعزّتك لأغوينّ آدم وذريّته ، و﴿لَأَقْعُدَنَ﴾ ترصّدا ﴿لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ وعلى منهجك القويم الموصل لهم إلى كلّ خير ، وهو دين الإسلام. وقيل : إنّ الباء في قوله : ( فبما ) للقسم ، والمعنى : فبقدرتك عليّ ونفاذ سلطانك فيّ (٤) .
ثمّ أنّ اللّعين بعد إعلانه بترصّده لذريّة آدم وقعوده على طريقهم إلى الجنّة كقعود السرّاق على طريق العابرين ترصّدا لهم ، بيّن تهاجمه عليهم من الجهات التي يعتاد الهجوم منها ، ومحاصرته إيّاهم من الجوانب بقوله : ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ﴾ ولأحملنّ عليهم ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ وقدّامهم ، يعني : أشكّكهم في صحّة البعث ، أو افتّرهم عن الرّغبة فيما ينفعهم في الآخرة ، أو أزيّن لهم الدّنيا ، أو أبعثهم إلى تكذيب الأنبياء الحاضرين في عصرهم ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ قيل : يعني : اوهمهم أنّ الدّنيا أزليّة باقية ، وازيّنها في نظرهم ، أو افتّرهم عن الرّغبة في المنافع الاخرويّة ، أو أبعثهم إلى تكذيب الماضين من الأنبياء ﴿وَعَنْ أَيْمانِهِمْ﴾ قيل : يعني : ارغّبهم في الكفر ، أو أصرفهم عن الحقّ ، أو افتّرهم عن الرّغبة في الآخرة والأعمال الحسنة ﴿وَعَنْ شَمائِلِهِمْ﴾ قيل : يعني : اوقعهم في المعاصي ، وأزيّن لهم السّيئات وارّغبهم في الباطل.
عن الباقر عليهالسلام : ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ معناه : أهوّن عليهم أمر الآخرة ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ آمرهم بجمع الأموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم ، ﴿وَعَنْ أَيْمانِهِمْ﴾ افسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضّلالة ، وتحسين الشّبهة ، ﴿وَعَنْ شَمائِلِهِمْ﴾ بتحبيب اللّذات إليهم ، وتغليب الشّهوات على قلوبهم » (٥).
__________________
(١) علل الشرائع : ٤٠٢ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٣.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٤٢٨ / ٢٣٢٧ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٣.
(٣) تفسير روح البيان ٣ : ١٤٢.
(٤) تفسير الرازي ١٤ : ٣٨.
(٥) مجمع البيان ٤ : ٦٢٣ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨٤.