المشركون : لئن لم تنته عن سبّ آلهتنا وشتمها لنهجونّ إلهك ، فنزلت (١) .
وعن السّدي : أنّه لمّا قربت وفاة أبي طالب قالت قريش : ندخل عليه ونطلب منه أن ينهى ابن أخيه عنّا ، فإنّا نستحي أن نقتله بعد وفاته ، فيقول العرب : كان يمنعه فلمّا مات قتلوه ، فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنّضر بن الحارث مع جماعة إليه وقالوا له : أنت كبيرنا ، وخاطبوه بما أرادوا ، فدعا محمّدا صلىاللهعليهوآله وقال : هؤلاء قومك وبنو عمّك يطلبون منك أن تتركهم على دينهم ويتركوك على دينك. فقال صلىاللهعليهوآله : « قولوا : لا إله إلّا الله » . فأبوا ، فقال أبو طالب : قل غير هذه الكلمة ، فإنّ قومك يكرهونها ، فقال صلىاللهعليهوآله : « ما أنا بالذي أقول غيرها حتّى تأتوني بالشّمس فتضعوها في يدي » . فقالوا له : اترك شتم آلهتنا ، وإلّا شتمناك ومن يأمرك بذلك (٢) .
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إنّ الشّرك أخفى من دبيب النّملة على صخرة سوداء في ليلة ظلماء » . فقال : « كان المؤمنون يسبّون ما يعبد المشركون من دون الله ، فكان المشركون يسبّون ما يعبد المؤمنون ، فنهى الله المؤمنين عن سبّ آلهتهم ، لكيلا يسبّ الكفّار إله المؤمنين ، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعلمون » (٣) .
وقيل : إنّ الله أجرى شتم الرّسول منزلة شتمه (٤) ؛ لأنّ العرب كانوا معتقدين بالله ، ويقولون : إنّ الأصنام شفعاؤنا عنده ، فلم يمكن إقدامهم على سبّ الله.
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « أ رأيت أحدا يسبّ الله ؟ » . فقيل : لا ، وكيف قال ذلك ؟
قال : « من سبّ وليّ الله فقد سبّ الله » (٥) .
وعنه عليهالسلام أنّه قيل له : إنّا نرى في المسجد رجلا يعلن بسبّ أعدائكم ويسبّهم. فقال : « ما له لعنه الله ، يعرّض بنا ، قال الله : ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ الآية » .
وقال عليهالسلام : « لا تسبّوهم فإنّهم يسبّوكم » .
وقال : « من سبّ وليّ الله فقد سبّ الله » .
قال النبيّ صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : « من سبّك فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله فقد أكبّه الله على منخريه في نار جهنّم » (٦) .
﴿كَذلِكَ﴾ التزيين الذي يكون لسبّ الله في نظر المشركين ﴿زَيَّنَّا﴾ وحسّنّا ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ وطائفة
__________________
(١) تفسير الرازي ١٣ : ١٣٩.
(٢) تفسير الرازي ١٣ / ١٤٠.
(٣) تفسير القمي ١ : ٢١٣ ، مجمع البيان ٤ : ٥٣٧ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤٧.
(٤) تفسير الرازي ١٣ : ١٤٠.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ١١٤ / ١٤٧٥ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤٧.
(٦) الاعتقادات للصدوق : ١٠٧ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤٧.