بوجد له نسل ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ﴾ تعالى ﴿صاحِبَةٌ﴾ يلقي في رحمها نطفة ؟ !
ثمّ أشار إلى البرهان الثّالث بقوله : ﴿وَخَلَقَ﴾ سبحانه ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ ممّا يرى وما لا يرى ، والمخلوق يمتنع أن يكون ولدا لخالقة.
ثمّ أشار إلى البرهان الرّابع بقوله : ﴿وَهُوَ﴾ تعالى ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ ممّا يمكن وجوده وما لا يمكن ﴿عَلِيمٌ﴾ أزلا وأبدا بحيث لا تخفى عليه خافية ، فإذا علم أن لا كمال له ولا نفع في اتّخاذه الولد يمتنع عليه اتّخاذه.
﴿ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
وَكِيلٌ (١٠٢)﴾
ثمّ بعد إبطال دعوى الشّرك بوجوهه المختلفة ، صرّح سبحانه بتوحيده في جميع الجهات بقوله :
﴿ذلِكُمُ﴾ المتّصف بالصّفات الجلاليّة والجماليّة هو ﴿اللهُ﴾ المستحقّ للعبادة ، وهو ﴿رَبُّكُمْ﴾ ومدبّر اموركم دون غيره ﴿لا إِلهَ﴾ ولا معبود في الوجود ﴿إِلَّا هُوَ﴾ لعدم إمكان التّعدّد لواجب الوجود ، وهو ﴿خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الأشياء ، لا خالق غيره في عرضه ، لامتناع تعدّد الخالق ؛ لأنّه إن أراد أحد الخالقين مثلا خلق شيء وأراده الآخر وتكافئا ، يحصل التّمانع والتّعطيل في الوجود ، وإن لم يرد أحدهما إيجاد شيء لزم التعطيل في واجب الوجود ، وهو نقص لا يليق به ، وإن أراد ولم يقدر على مزاحمة الآخر ، لزم عجزه من إنفاذ إرادته ، وهو أيضا نقص لا يليق بالواجب.
فإذا ثبت تفرّده في خلق العالم ، وتربية الموجودات ، واستحقاق العبادة ﴿فَاعْبُدُوهُ﴾ أيّها النّاس ولا تعبدوا غيره.
ثمّ قرّر تفرّده تعالى بتدبير الأمور وإنجاح حوائج النّاس ، لصرف قلوبهم إلى نفسه ، وقطع تعلّقها بالأسباب بقوله : ﴿وَهُوَ﴾ تعالى مع كمال جوده ورأفته ، وسعة قدرته وحكمته ﴿عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الأشياء ، وكلّ أمر من الأمور ﴿وَكِيلٌ﴾ ورقيب يراقب اموركم ويدبّرها ، فكلوها إليه وتوسّلوا به في إنجاح مطالبكم ، فإنّه هو القادر على القيام بها ، الوافي بإتمامها ، لا منجح للمقاصد ولا مصلح للمهمّات إلّا هو.
﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)﴾
ثمّ بعد التّنبيه بوجوب رفع الحاجات إليه ، وكان لرؤية من يتوسّل به في قضائها وعلمه بها دخل