فلمّا فتح رسول الله صلىاللهعليهوآله مكّة أمر بقتله ، فجاء به عثمان ، قد أخذ بيده ورسول الله صلىاللهعليهوآله في المسجد ، فقال : يا رسول الله اعف عنه ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ أعاد ، فسكت [ رسول الله صلىاللهعليهوآله ] ، ثمّ أعاد ، فقال : هو لك ، فلمّا مرّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأصحابه : ألم أقل من رآه فليقتله. فقال رجل : كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إليّ فأقتله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الأنبياء لا يقتلون بالإشارة ، فكان من الطّلقاء » (١) .
وعن العيّاشي رحمهالله : عن الباقر عليهالسلام في تأويله : « من ادّعى الإمامة دون الإمام » (٢) .
ثمّ هدّد الله تعالى الفرق الثّلاث بسوء حالهم عند الموت بقوله : ﴿وَلَوْ تَرى﴾ يا محمّد ﴿إِذِ الظَّالِمُونَ﴾ من الفرق الثّلاث وغيرهم من الكفّار خائضون ﴿فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ﴾ وسكراته وشدائده ، لرأيت أمرا هائلا ﴿وَالْمَلائِكَةُ﴾ الموكّلون بقبض الأرواح ﴿باسِطُوا﴾ ومادّوا ﴿أَيْدِيهِمْ﴾ لقبض أرواحهم - كالغريم الملحّ الذي يبسط يده إلى من عليه الحقّ ، ويعنف عليه في المطالبة ، ولا يمهله - قائلين لهم تغليظا وتعنيفا : ﴿أَخْرِجُوا﴾ إلينا ﴿أَنْفُسَكُمُ﴾ وأرواحكم من أجسادكم.
وقيل : إنّ المراد من الملائكة : ملائكة العذاب وهم باسطو أيديهم لتعذيبهم (٣) ، يقولون : أخرجوا أنفسكم من أيدينا وخلّصوها من العذاب إن قدرتم.
﴿الْيَوْمَ﴾ وفي هذه السّاعة ، أو في الزّمان الممتدّ بعد الموت ﴿تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ﴾ وتعاقبون عقابا متضمّنا لغاية الذّل والتّحقير.
عن الباقر عليهالسلام : « العطش يوم القيامة » (٤) .
﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدّنيا ﴿تَقُولُونَ﴾ وتفترون ﴿عَلَى اللهِ﴾ قولا ﴿غَيْرَ الْحَقِ﴾ من اتّخاذه الولد ، أو كون الشّريك له في الملك ، أو ادّعاء النّبوّة والوحي ﴿وَكُنْتُمْ﴾ تعرضون ﴿عَنْ آياتِهِ﴾ القرآنية ، وبراهين توحيده ، و﴿تَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن الإقرار بها والتّسليم لها.
﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ
وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ
وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)﴾
ثمّ لمّا كان المشركون يفتخرون بالمال والأولاد والعشيرة ، حكى سبحانه مخاطبته إيّاهم يوم القيامة
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢١٠ ، تفسير الصافي ٢ : ١٣٩.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٠٩ / ١٤٥٦ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤٠.
(٣) تفسير الرازي ١٣ : ٨٥.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ١١٠ / ١٤٥٧ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤٠.