﴿مِمَّنِ افْتَرى﴾ واختلق ﴿عَلَى اللهِ كَذِباً﴾ بادّعاء أنّ القرآن منه مع عدم كونه منه ﴿أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ﴾ من قبله دين وشرع ﴿وَ﴾ الحال أنّه ﴿لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾ من الدّين ﴿وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ﴾ وأخترع من نفسي كتابا ﴿مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ﴾ من الكتاب.
قيل : إنّ الفقرة الأولى في مسيلمة الكذّاب - صاحب اليمامة ، فإنّه كان يقول : محمّد رسول قريش ، وأنا رسول بني حنيفة - والأسود العنسي (١) .
والثّانية في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، روي أنّه كان يكتب الوحي ، فلمّا نزل قوله : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ إلى قوله ﴿ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ﴾(٢) وأملاه الرّسول صلىاللهعليهوآله عليه ، عجب عبد الله منه فقال : فتبارك الله أحسن الخالقين ، فقال الرّسول صلىاللهعليهوآله : « هكذا نزلت الآية » فسكت عبد الله ، وقال : إن كان محمّد صادقا ، فقد اوحي إليّ مثله ، وإن كان كاذبا فقد عارضته (٣) .
والثّالثة في النّضر بن الحارث ، فإنّه قال : لو نشاء لقلنا مثل هذا (٤) .
في ( الكافي ) : عن أحدهما عليهماالسلام : « أنّها نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر ، وهو ممّن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم فتح مكّة هدر دمه ، وكان يكتب لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا أنزل الله عزوجل ﴿أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ*﴾ كتب : ﴿إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ، فيقول له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « دعها ، فإنّ الله عليم حكيم » وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين : إنّي لأقول من نفسي مثل ما يجيء به فما يغيّر عليّ ، فأنزل الله تبارك وتعالى فيه الذي أنزل (٥) .
في ارتداد عبد الله بن أبي سرح
وعن القمّي رحمهالله : عن الصادق عليهالسلام قال : « إنّ عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخا عثمان [ بن عفان ] من الرّضاعة أسلم وقدم المدينة ، وكان له خطّ حسن ، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله صلىاللهعليهوآله دعاه فكتب ما يمليه عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله [ من الوحي ] ، فكان إذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله. ﴿سَمِيعٌ بَصِيرٌ*﴾ يكتب : سميع عليم ، وإذا قال : ﴿وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*﴾ يكتب : بصير ، ويفرّق بين التّاء والياء ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : هو واحد ، فارتدّ كافرا ورجع إلى مكّة وقال لقريش : والله ما يدري محمّد ما يقول ، أنا أقول مثل ما يقول فلا ينكر عليّ ذلك ، فأنا انزل مثل ما أنزل [ الله ] ، فأنزل الله على نبيّه صلىاللهعليهوآله في ذلك : ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ﴾ .
__________________
(١) تفسير الرازي ١٣ : ٨٣.
(٢) المؤمنون : ٢٣ / ١٢ - ١٤.
(٣) تفسير الرازي ١٣ : ٨٤ ، أسباب النزول للواحدي : ١٢٥ ، مجمع البيان ٤ : ٥١٨.
(٤) تفسير الرازي ١٣ : ٨٤.
(٥) الكافي ٨ : ٢٠٠ / ٢٤٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٣٩.