﴿وَ﴾ هدينا ﴿إِسْماعِيلَ﴾ بن إبراهيم ﴿وَالْيَسَعَ﴾ بن أخطوب ﴿وَيُونُسَ﴾ بن متّى ﴿وَلُوطاً﴾ ابن أخي إبراهيم ﴿وَكلًّا﴾ منهم ﴿فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ﴾ بالكمالات النّفسانيّة والرّسالة.
وقد استدلّ كثير من المفسّرين على رجوع ضمير ( ومن ذرّيته ) إلى نوح بعدم كون يونس ولوط من ذراري إبراهيم عليهالسلام ، وعدم إطلاق الذرّيّة على ولد الصّلب ، وقد عدّ إسماعيل بن إبراهيم من الذرّيّة(١) .
وقيل برجوع الضّمير إلى إبراهيم عليهالسلام ؛ لأنّ الآيات في بيان رفعة إبراهيم ، وأنّ يونس كان من الأسباط ، ولا بعد في عدّ لوط من ذرّيّته تنزيلا لابن أخيه منزلة ابنه ، لكونه في تربيته (٢) .
ويدلّ عليه استدلال الصادقين عليهماالسلام بعد عيسى في الآية من ذرّيّة إبراهيم عليهالسلام في الرّوايتين السّابقتين.
وقيل برجوع ضمير ( وذريّته ) إلى إبراهيم عليهالسلام ، وكون قوله : ( واسماعيل ) وما بعده عطفا على قوله : ( ونوحا ) . ثمّ أنّه ذكر لتأخير ذكر إسماعيل مع كونه ابن إبراهيم لصلبه وجوها غير وجيهة (٣) .
ويحتمل كون لفظ إسماعيل في الآية معرّب شموئل ، وهو النبيّ الذي نصب طالوت ملكا لبني إسرائيل ، فعلى هذا لم يذكر إسماعيل بن إبراهيم في الآية ، لكون المقصود في المقام الاحتجاج على المشركين بعلوّ مقام الأنبياء المذكورين بسبب هدايتهم إلى التّوحيد ، وإنعام الله عليهم بكرامة اصولهم وفروعهم وفروع اصولهم ، ولم يكن من فروع إسماعيل نبيّ غيره صلىاللهعليهوآله.
قيل : في قوله تعالى : ﴿وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ﴾ دلالة على أفضلية الأنبياء على الملائكة (٤) ؛ لأنّ المراد من العالمين جميع ما سوى الله تعالى من المخلوقات ، فيدخل فيه الملائكة. وفيه نظر ، وإنّ كان المدّعى مسلّما عندنا ، بل الظّاهر أنّه من ضروريات الإماميّة ، ثمّ من المعلوم أنّ المراد من العالمين : هو عالم (٥) زمانهم لوضوح عدم أفضليّتهم على خاتم النّبيّين صلىاللهعليهوآله.
﴿وَ﴾ هدينا بعضا ﴿مِنْ آبائِهِمْ﴾ واصولهم ﴿وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ وفروعهم ﴿وَإِخْوانِهِمْ﴾ الّذين هم فروع اصولهم - كإخوة يوسف على ما قيل - إلى المعارف الحقّة والكمالات النّفسانيّة ﴿وَاجْتَبَيْناهُمْ﴾ بالنبوّة ، واصطفيناهم بالرّسالة ﴿وَهَدَيْناهُمْ﴾ وأرشدناهم ﴿إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ لا ضلال فيه أبدا.
قيل : في الآية إشعار بأنّ شرط الرّسالة الرّجوليّة ، فلا يجوز أن تكون المرأة رسولا ولا نبيّا (٦) .
__________________
(١ و٢) . تفسير الرازي ١٣ : ٦٤ ، تفسير أبي السعود ٣ : ١٥٧.
(٣) راجع : تفسير الرازي ١٣ : ٦٤ - ٦٥.
(٤) تفسير الرازي ١٣ : ٦٦.
(٥) في النسخة : عالمي.
(٦) تفسير الرازي ١٣ : ٦٧.