فبلغ ذلك بني سهم (١) أولياء بديل ، فطلبوه منهما ، فقالا : كنّا اشتريناه من بديل ، فقالوا : ألم نقل لكما : هل باع صاحبنا من متاعه شيئا ؟ فقلتما : لا. قالا : ما كان لنا بيّنة ، فكرهنا أن نقرّ به ، فرفعوهما الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنزل قوله تعالى : ﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ الآية (٢) .
وعن ( الكافي ) ، مرفوعا : « خرج تميم الدّاري وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر ، وكان تميم الداري مسلما وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيّين ، وكان مع تميم الدّاري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذّهب وقلادة أخرجها إلى أسواق بعض العرب للبيع ، فاعتل تميم الداري علّة شديدة ، فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية ، وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته ، فقدما المدينة ، وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة ، وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته ، فافتقد القوم الآنية والقلادة ، فقال أهل تميم [ لهما ] : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة ؟ فقالا : لا ، ما مرض إلّا أيّاما قلائل. قالوا : فهل سرق منه شيء في سفره هذا ؟ قالا : لا ، قالوا : فهل اتّجر تجارة خسر فيها ؟ قالا : لا ، قالوا : [ فقد ] افتقدنا أفضل شيء كان معه ؛ آنية منقوشة مكلّلة بالجوهر ، وقلادة ؟ . فقالا : ما دفع إلينا فقد أدّيناه إليكم ، فقدّموهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأوجب عليهما اليمين فحلفا ، فخلّا عنهما » (٣) .
عن الصادق عليهالسلام ، في تفسير الآية : « اللّذان منكم مسلمان ، واللّذان من غيركم [ من ] أهل الكتاب ، فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله سنّ في المجوس سنّة أهل الكتاب في الجزية ، وذلك إذا مات الرّجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين ، أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد العصر (٤) ، فيقسمان بالله لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله ، إنّا إذا لمن الآثمين. قال : وذلك إن ارتاب وليّ الميّت (٥) .
﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ واطّلع بعد حلف الوصيّين ﴿عَلى أَنَّهُمَا﴾ بشهادتهما بالباطل ، وحنثهما في اليمين بالكذب في القول أو الخيانة في المال ﴿اسْتَحَقَّا إِثْماً﴾ وارتكبا ذنبا ، فلا ينقض الحاكم شهادتهما لاحتمال شرائهما المال من الميّت ، فإن ادّعياه وأنكر الوارث ﴿فَآخَرانِ﴾ يجيئان بعد ظلم الشّاهدين الأولين ، و﴿يَقُومانِ مَقامَهُما﴾ في الحبس إلى بعد الصّلاة والحلف ، ولكن يشترط أن يكون الآخران ﴿مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ﴾ الحلف.
__________________
(١) في تفسير روح البيان : بني سهل.
(٢) تفسير روح البيان ٢ : ٤٥٤.
(٣) الكافي ٧ : ٥ / ٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٥.
(٤) في الكافي : الصلاة.
(٥) الكافي ٧ : ٤ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٥.