إذا كنتم صالحين (١) .
عن ( المجمع ) : أنّ أبا بكر سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن هذه الآية ، فقال : « ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، فإذا رأيت دنيا مؤثرة ، وشحّا مطاعا ، وهوى متّبعا ، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه ، فعليك بخويصّة (٢) نفسك » (٣) .
ثمّ وعد سبحانه وأوعد الفريقين بقوله : ﴿إِلَى اللهِ﴾ وحده ﴿مَرْجِعُكُمْ﴾ في القيامة ﴿جَمِيعاً﴾ ضالّكم ومهتديكم ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ﴾ في الدّنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من الهداية والضّلالة ؛ فيجازيكم على حسب ما تستحقّون.
عن ابن عبّاس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا قبل من أهل الكتاب الجزية ولم يقبل من العرب إلّا الإسلام أو السّيف ، عيّر المنافقون المؤمنين بقبول الجزية من بعض الكفّار دون بعض فنزلت هذه الآية ، أي لا يضرّكم ملامة اللّائمين ، إذا كنتم على الهدى (٤) .
وقيل : نزلت لمّا أشتدّ على المؤمنين بقاء الكفّار في كفرهم وضلالهم (٥) .
وقيل : نزلت لمّا اغتّم المؤمنون لعشائرهم الذين ماتوا على الكفر ، فنهوا عن ذلك (٦) .
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ
اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ
فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ
ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ
الْآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ
الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما
وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) و (١٠٧)﴾
ثمّ لمّا أمر الله سبحانه المؤمنين بحفظ أنفسهم من الضّلال والعصيان ، أردفه بالأمر بحفظ أموالهم من التّلف والضّياع ، وتعليم طريقه بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ وعند تنازعكم ﴿إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ وأشرف عليه ﴿حِينَ الْوَصِيَّةِ﴾ هي أن يشهد عليها ﴿اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ﴾
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٨٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٤.
(٢) خويصّة الانسان : الذي يختصّ بخدمته ، ويعني عليك بما يتصل بك من خدمك ومواليك ودع ما سواهم. وتطلق على حادثة الموت التي تخصّ كلّ إنسان ، ويعني عليك بمبادرتها بالأعمال الصالحة والاهتمام بها قبل وقوعها.
(٣) مجمع البيان ٣ : ٣٩٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٤.
( ٤ و٥ و٦ ) . تفسير الرازي ١٢ : ١١٢.