عن الصادق عليهالسلام : « كلّ طير يكون في الآجام يبيض في البرّ ويفرخ في البرّ فهو من صيد البرّ ، وما كان من صيد البرّ يكون في البرّ ويبيض في البحر فهو من صيد البحر » (١) .
وعنه عليهالسلام : « كلّ شيء يكون أصله في البحر ويكون في البرّ والبحر ، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله ، فإن قتله فعليه الجزاء ، كما قال [ الله عزوجل ] » (٢) .
وعن أحدهما عليهماالسلام : « لا يأكل المحرم طير الماء » (٣) .
ثمّ بالغ سبحانه في التّأكيد والوعيد بقوله : ﴿وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ في القيامة - لا إلى غيره - في ما نهاكم عنه من المعاصي التي من جملتها الصّيد في حال الإحرام ، فيجازيكم على المخالفة.
﴿جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ
وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان حرمة الإحرام والحرم ، وكونهما سببا لأمن الحيوانات من ضرر الإنسان ، بيّن أنّ الكعبة والحرم ، والأشهر الحرم ، وهدي الكعبة أسباب لأمن الإنسان من جميع المخوفات والآفات ، ولنيلهم بالخيرات والسّعادات ، بقوله : ﴿جَعَلَ اللهُ﴾ وصيّر ﴿الْكَعْبَةَ﴾ التي تكون لكمال حرمتها عنده وعند أنبيائه ﴿الْبَيْتَ الْحَرامَ﴾ المحترم ﴿قِياماً لِلنَّاسِ﴾ وقواما لهم ، وما به صلاح امورهم.
في بيان وجوه كون الكعبة قياما للناس
قيل في وجه كونها قواما للنّاس امور :
الأوّل : أنّ مكّة بلدة لا ضرع فيها ولا زرع ، ولا يوجد فيها غالب ما يحتاج إليه أهلها ، فجعل الكعبة معظّمة في القلوب حتّى صار أهل الدّنيا راغبين في زيارتها ، فيسافرون إليها من كلّ فجّ عميق ، ويأتون بجميع ما يحتاج إليه ، فصار سببا لإسباغ النّعم على أهلها.
الثاني : أنّ العرب كانت عادتهم القتل والغارة ، وكان أهل الحرم آمنين على أنفسهم وأموالهم حتّى أنّ الرّجل لو رأى قاتل أبيه أو ابنه التجأ بالحرم ما كان يتعرّض له.
الثالث : أنّ أهل مكّة صاروا بسبب الكعبة أهل الله وخاصّته ، وسادات الخلق إلى يوم القيامة.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩٢ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٠.
(٢) الكافي ٤ : ٣٩٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٠.
(٣) الكافي ٤ : ٢٩٤ / ٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٩٠.