أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، وإن شهر السّيف وحارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي من الأرض » (١) .
وعن أحمد بن الفضل الخاقاني من آل رزين ، قال : قطع الطريق بجلولاء على السابلة من الحاجّ وغيرهم ، وافلت القطّاع - إلى أن قال : - وطلبهم العامل حتى ظفر بهم ، ثمّ كتب بذلك إلى المعتصم ، فجمع الفقهاء وابن أبي دؤاد ، ثمّ سأل الآخرين عن الحكم فيهم ، وأبو جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهالسلام حاضر ، فقالوا : قد سبق حكم الله فيهم في قوله : ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾ ولأمير المؤمنين أن يحكم بأيّ ذلك شاء فيهم.
قال : فالتفت إلى أبي جعفر وقال : [ ما تقول فيما أجابوا فيه ؟ فقال : « قد تكلّم هؤلاء الفقهاء والقاضي بما سمع أمير المؤمنين » قال : و] أخبرني بما عندك ؟ قال : « إنّهم قد أضلّوا في ما أفتوا به ، والذي يجب في ذلك أن ينظر أمير المؤمنين في هؤلاء الّذين قطعوا الطّريق ، فإن كانوا أخافوا السّبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولم يأخذوا مالا ، أمر بإيداعهم الحبس ، فإنّ ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السّبيل ، وإن كانوا أخافوا السّبيل وقتلوا النّفس أمر بقتلهم ، وإن كانوا أخافوا السّبيل وقتلوا النّفس وأخذوا المال ، أمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم بعد ذلك » . فكتب إلى العامل بأن يمتثل ذلك فيهم (٢) .
أقول : الظّاهر أنّ هذا التّفصيل هو المراد من خبر بريد بن معاوية ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ﴾ قال : « ذلك إلى الإمام يفعل ما يشاء».
قلت : فمفوّض ذلك إليه ؟ قال : « لا ، ولكن نحو الجناية » (٣) . وفي رواية : « ولكن بحق الجناية»(٤).
وفي اخرى : « ولكنّه يصنع [ بهم ] على قدر جناياتهم » (٥) .
ثمّ أنّه اختلف الأصحاب وغيرهم لاختلاف الأخبار ، فمنهم من قال بالتّخيير لصحة أخباره ، وموافقتها لظاهر الكتاب الكريم ، وضعف أخبار التّرتيب ، ومنهم من قال بالتّرتيب لاستفاضة رواياته ، وانجبارها بالشّهرة والإجماع المنقولين ، وموافقتها الاعتبار ، ومخالفتها لأكثر العامّة ، كما تومئ إليه بعض النّصوص.
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٤٢ / ١٢٥٨ ، الكافي ٧ : ٢٤٦ / ٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٣.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٣٩ / ١٢٥١.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٤١ / ١٢٥٢ ، الكافي ٧ : ٢٤٦ / ٥.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٤١ / ١٢٥٢.
(٥) الكافي ٧ : ٢٤٧ / ١١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢.