وروي عن أنس أنّه سئل النبيّ صلىاللهعليهوآله عن يوم الثلاثاء ، فقال : « يوم الدّم ، فيه حاضت حوّاء ، وفيه قتل ابن آدم » (١) .
وقيل : إنّ قابيل ذهب طريدا شريدا فزعا مرعوبا لا يأمن من يراه ، فأخذ بيد اخته إقليما وهرب بها إلى عدن من أرض اليمن ، فأتاه إبليس فقال له : إنّما اكلت النّار قربان هابيل لأنّه كان يعبد النّار ، فالتهب (٢) أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك ، فبنى بيت النّار ، وهو أوّل من عبد النّار ، وكان لا يمرّ بأحد إلّا رماه ، فأقبل ابن له أعمى ومعه ابن له ، فقال للأعمى ابنه : هذا أبوك قابيل ، فرمى الأعمى أباه بحجارة فقتله ، فقال ابن الأعمى : قتلت أباك ، فرفع يده فلطم ابنه فمات ، فقال الأعمى : ويل لي قتلت أبي برميتي ، و[ قتلت ] ابني بلطمتي.
قال مجاهد : فعقلت إحدى رجلي قابيل إلى فخذها وساقها ، وعلّقت من يومئذ إلى يوم القيامة ، وجهه إلى الشّمس حيثما دارت عليه ، في الصيف حظيرة من نار [ وفي الشتاء حظيرة من ثلج ](٣) .
وروي أنّه لا تقتل نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم الأوّل كفل من دمها ؛ لأنّه أوّل من سنّ القتل (٤) ، وهو أبو (٥) يأجوج ومأجوج شرّ أولاد توالدوا من شرّ والد (٦) .
قيل : اتّخذ أولاد قابيل آلات اللهو ، وانهمكوا فيه وفي شرب الخمر ، وعبادة النّار والزّنا والفواحش ، حتّى غرّقهم الله بالطّوفان أيّام نوح ، وبقي نسل شيث (٧) .
وقيل : لمّا ذهب قابيل إلى اليمن كثروا وطفقوا يتحاربون مع سائر أولاد آدم إلى زمن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث ، ففرّقهم مهلائيل إلى أقطار الأرض ، وسكن هو في أرض بابل ، وكان كيومرث أخاه الصّغير ، وهو أوّل السّلاطين في العالم ، فأخذوا يبنون المدن والحصون ، واستمرّت الحرب بينهم إلى آخر الزّمان (٨) .
﴿مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ
فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ
جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ
لَمُسْرِفُونَ (٣٢)﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٢.
(٢) في تفسير روح البيان : فانصب.
(٣) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٢.
(٤) تفسير الرازي ١١ : ٢٠٨ ، تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٢.
(٥) في النسخة والمصدر : أب.
(٦) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٢.
(٧ و٨) . تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٢.