هابيل ، فبكى آدم على هابيل أربعين سنة (١) .
وفي رواية اخرى : فلعن آدم الأرض التي قبلت دم هابيل ، وأمر أن يلعن قابيل ، ونودي قابيل من السّماء : لعنت كما قتلت أخاك ، ولذلك لا تشرب الأرض الدّم ، فبكى آدم على هابيل أربعين يوما وليلة(٢) .
وفي رواية : ومكث آدم عليهالسلام بعده مائة سنة لم يضحك قط (٣) ، فلمّا جزع عليه شكا ذلك إلى الله ، فأوحى الله إليه : يا آدم ، إنّي واهب لك ذكرا يكون خلفا من هابيل ، فولدت حوّاء غلاما زكيّا مباركا ، فلمّا كان اليوم السابع ، أوحى الله إليه : يا آدم ، إن هذا الغلام هبة منّي لك ، فسمّه هبة الله ، فسمّاه هبة الله (٤) .
وقيل : لمّا هبط آدم إلى الأرض تفكّر في ما أكل فاستقاء (٥) ، فنبتت شجرة السّمّ من قيئه ، فأكلت الحيّة ذلك السّمّ ، ولذا صارت مؤذية مهلكة ، وكان [ قد ] بقي شيء ممّا أكل ، فلمّا غشي حوّاء حصل قابيل ، ولذا كان قاتلا باعثا للفساد في وجه الأرض (٦) .
روي أنّه قال طاوس اليماني لأبي جعفر عليهالسلام : هل تعلم أيّ يوم مات ثلث النّاس ؟ فقال : « يا عبد الله (٧) ، لم يمت ثلث النّاس قطّ ، إنّما أردت ربع النّاس » ، قال : وكيف ذلك ؟ قال : « كان آدم وحوّاء وقابيل وهابيل ، [ فقتل قابيل هابيل ] فذلك ربع [ الناس ] » ، قال : صدقت (٨) .
أقول : هذا مناف لما دلّ على أنّ لكلّ منهما توأمه ، ومؤيّد لما دلّ على أنّ نزاعهما كان في الوصيّة.
﴿فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى
أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ
النَّادِمِينَ (٣١)﴾
ثمّ قيل : إنّه لمّا قتل قابيل هابيل تركه بالعراء ، ولم يدر ما يصنع به ؛ لأنّه كان أوّل ميّت على وجه الأرض من بني آدم ، فخاف عليه السّباع فحمله في جراب على ظهره أربعين يوما - أو سنة - حتى أروح (٩) ، وعكفت عليه الطّيور والسّباع تنظر متى يرمي به فتأكله (١٠) .
__________________
(١) إكمال الدين : ٢١٤ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٨ ، وفيهما : أربعين ليلة.
(٢) تفسير القمي ١ : ١٦٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩.
(٣) تفسير الرازي ١١ : ٢٠٨ ، تفسير أبي السعود ٣ : ٢٩.
(٤) تفسير القمي ١ : ١٦٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٩.
(٥) استقاء : تقيّأ.
(٦) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٠.
(٧) في الاحتجاج : يا أبا عبد الرحمن.
(٨) الاحتجاج : ٣٢٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠.
(٩) أروح ، بمعنى أنتن وظهرت ريحه.
(١٠) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨١.