عن الباقر عليهالسلام : « من قتل مؤمنا [ متعمّدا ] أثبت الله على قاتله جميع ذنوبه ، وبرئ المقتول منها ، وذلك قول الله عزوجل : ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ﴾(١) .
﴿فَتَكُونَ﴾ بسبب قتلي ﴿مِنْ أَصْحابِ النَّارِ﴾ وملازميها أبدا ﴿وَذلِكَ﴾ الخلود في النّار ﴿جَزاءُ الظَّالِمِينَ﴾ على العباد بالقتل.
قيل : إنّ هذا الكلام دار بينهما على وجه الوعظ والنّصيحة (٢) . والتّنبيه على أنّ إثم المقتول يحمل على قاتله ، ويكون جزاء القاتل ظلما الخلود في النّار.
﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠)﴾
ومقصوده حبّ عدم ملابسته بالإثم لا ملابسة أخيه به ﴿فَطَوَّعَتْ﴾ وهوّنت ﴿لَهُ نَفْسُهُ﴾ بتسويلاتها ﴿قَتْلَ أَخِيهِ﴾ هابيل ، ولم يؤثّر فيه النّصح.
روي أنّ عدوّ الله إبليس قال لقابيل : قد تقبّل قربان هابيل ، ولم يتقبّل قربانك ، فإن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك (٣) .
وقيل : إنّ قابيل لم يدر كيف يقتل هابيل ، فتمثّل له إبليس ، فأخذ طائرا أو حيّة ، ووضع رأسه على حجر ثمّ شدخه بحجر آخر ، وقابيل ينظر فتعلّم منه ، فوضع رأس هابيل بين حجرين وهو مستسلم لا يستعصي عليه (٤) .
وفي رواية : أنّه صبر حتّى نام هابيل وغنمه ترعى (٥) ، فضرب رأسه بحجر ﴿فَقَتَلَهُ﴾ قيل : قتل عند جبل ثور ، وقيل : عند عقبة حراء ، وقيل : في المسجد الأعظم بالبصرة ، وكان لهابيل يوم قتل عشرون سنة (٦)﴿فَأَصْبَحَ﴾ قابيل بقتله أخيه ﴿مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ في دينه ودنياه.
عن ابن عبّاس رضى الله عنه : أنّه خسر دنياه وآخرته ؛ أمّا الدّنيا فأسخط والديه ، وبقي مذموما إلى يوم القيامة ، وأمّا الآخرة فهو العقاب العظيم (٧) .
في اطلاع آدم على قتل هابيل وحزنه عليه
روي أنّه لمّا قتله اسودّ جسده وكان أبيض ، فسأله آدم عليهالسلام عن أخيه ، قال : ما كنت عليه وكيلا ، فقال : بل قتلته ، ولذلك اسودّ جسدك (٨) .
وفي رواية : فانطلق آدم عليهالسلام فوجد هابيل مقتولا ، فقال : لعنت من أرض كما قبلت دم
__________________
(١) عقاب الأعمال : ٢٧٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٧.
(٢) تفسير الرازي ١١ : ٢٠٦.
(٣) إكمال الدين : ٢١٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٨.
(٤ و٥) . تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٠.
(٦) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٠.
(٧ و٨) . تفسير الرازي ١١ : ٢٠٨ ، تفسير روح البيان ٢ : ٣٨١.