وجارية ، فولدت في أوّل بطن قابيل - وقيل : قابين - وتوأمته اقليما ، والبطن الثاني هابيل وتوأمته ليوذا (١) ، فلمّا أدركوا جميعا ، أمر الله تعالى أن ينكح [ آدم ] قابيل اخت هابيل وهابيل اخت قابيل فرضي هابيل وأبى قابيل ؛ لأنّ اخته كانت أحسنهما ، وقال : ما أمر الله بهذا ، ولكنّ هذا من رأيك ، فأمرهما [ آدم ] أن يقرّبا قربانا فرضيا بذلك ، فعمد هابيل وكان صاحب ماشية فأخذ من خير غنمه زبدا ولبنا ، وكان قابيل صاحب زرع فأخذ من شرّ زرعه ، ثمّ صعدا فوضعا القربانين على الجبل فأتت النّار فأكلت قربان هابيل ، وتجنّبت قربان قابيل ، وكان آدم غائبا بمكّة ، خرج إليها ليزور البيت بأمر ربّه ... » (٢) .
وفي رواية عن الصادق عليهالسلام ، قيل له : إنّهم يزعمون أنّ قابيل إنّما قتل هابيل لأنّهما تغايرا على اختهما ؟ فقال : « تقول هذا ، أما تستحي أن تروي هذا على نبيّ الله آدم ؟ » فقيل : فبم قتل قابيل هابيل ؟
قال : « في الوصيّة » . ثمّ قال : « إنّ الله تعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصيّة واسم الله الأعظم إلى هابيل ، وكان قابيل أكبر [ منه ] ، فبلغ ذلك قابيل فغضب ، فقال : أنا أولى بالكرامة والوصيّة ، فأمرهما أن يقرّبا قربانا بوحي من الله إليه ، ففعلا فتقبّل الله قربان هابيل ، فحسده قابيل » (٣) .
في قصة قتل هابيل
و﴿قالَ﴾ له : بالله ﴿لَأَقْتُلَنَّكَ﴾ . قيل : إنّ هابيل قال : لم ؟ قال قابيل : لأنّ الله قبل قربانك وردّ قرباني ، وتنكح اختي الحسناء ، وأنكح اختك الدميمة ، فتحدّث النّاس أنّك خير منّي ، ويفتخر ولدك على ولدي (٤) .
﴿قالَ﴾ هابيل : أمّا تقبّل قرباني فليس من ذنبي ﴿إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ﴾ القربان ﴿مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ وأنا اتّقيت دونك ، فعدم قبول قربانك كان من قبل نفسك ، والله ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ﴾ ومددت ﴿إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي﴾ حسبما أوعدتني ﴿ما أَنَا بِباسِطٍ﴾ ومادّ ﴿يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ﴾ بل أستسلم لقضاء الله ، ولا ينقدح في قلبي قصد الإساءة إليك ، لأجل ﴿إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ﴾ وفيه إظهار غاية تقواه.
قيل : كان هابيل أقوى من قابيل ، ولكن لمّا كان القتل للدّفاع حراما في ذلك الزّمان تحرّج عن قتله(٥) .
ثمّ ذكر علّة اخرى للتّحرّج عن قتله بقوله : ﴿إِنِّي أُرِيدُ﴾ من إمساكي عن قتلك ﴿أَنْ تَبُوءَ﴾ وترجع إلى الله ملابسا ﴿بِإِثْمِي﴾ عن ابن عبّاس رضى الله عنه : معناه : تحمل إثم قتلي ﴿وَإِثْمِكَ﴾ الذي ارتكبته قبل قتلي (٦) .
__________________
(١) في المصدر : لبوذا.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٢٨٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٨.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٦ / ١٢٤٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٨.
(٤) تفسير روح البيان ٢ : ٣٧٩.
(٥) تفسير روح البيان ٢ : ٣٨٠.
(٦) تفسير الرازي ١١ : ٢٠٧.