إنّه ثالث ثلاثة ، وأخبرهم أنّه يريد أن يجعل نفسه اللّيلة قربانا ، فلمّا
كان بعض اللّيل خرج من بين ظهرانيهم ، فأصبحوا وجعل كلّ فريق يقول : قد علّمني كذا
وكذا ، وقال الفريق الآخر : أنت كاذب ، بل علّمني كذا ، فوقع بينهم القتال
فاقتتلوا وقتلوا خلقا كثيرا ، ونصب العداوة بينهم إلى يوم القيامة. وهم ثلاث فرق :
النّسطورية ، فقالوا : المسيح ابن الله ، والثانية : الملكانية ، قالوا : إنّ الله
ثالث ثلاثة ، المسيح وامّه والله ، والثالثة : اليعقوبية ، قالوا : إنّ الله هو
المسيح .
﴿يا
أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا
كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ
الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ
جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥)﴾
ثمّ لمّا بيّن
الله تعالى نقض اليهود والنّصارى ميثاقهم الذي اخذ منهم على الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، وخيانتهم بالتّوراة والإنجيل ، وإخبار النبيّ بما
أخفوه عن النّاس من تحريفاتهم وتغييراتهم في الكتابين ، وكان ذلك من معاجزه
الدّالّة على صدقه في دعوى الرّسالة ، باشر بذاته المقدّسة دعوتهم إلى الإيمان
بقوله : ﴿يا
أَهْلَ الْكِتابِ﴾ من اليهود والنّصارى ﴿قَدْ
جاءَكُمْ رَسُولُنا﴾ محمّد صلىاللهعليهوآله مع البراهين القاطعة على صدقه ؛ منها : أنّه مع امّيّته
وعدم قراءته الكتب ، وعدم تعلّمه عند أحد ﴿يُبَيِّنُ
لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ﴾ السّماوي ، كنعوته في الكتابين ، واسمه المذكور فيهما ،
وآية الرّجم - كما عن ابن عبّاس - وذلك منه إخبار بالمغيّبات كإخبار عيسى عليهالسلام بما يأكلون وما يدّخرون ﴿وَيَعْفُوا﴾ ويغمض ﴿عَنْ
كَثِيرٍ﴾ ممّا تخفونه وتكتمونه ، فلا يخبر به.
عن القمّي رحمهالله ، قال : يبيّن النبيّ صلىاللهعليهوآله كثيرا ممّا أخفيتموه ممّا في التّوراة من أخباره ، ويدع
كثيرا لا يبيّنه .
قضية تحكيم ابن صوريا اليهودي
عن الباقر عليهالسلام : « أنّ امرأة من خيبر ذات شرف بينهم ، زنت مع رجل من
أشرافهم وهما محصنان ، فكرهوا رجمهما ، فأرسلوا إلى يهود المدينة وكتبوا إليهم أن
يسألوا النبيّ صلىاللهعليهوآله عن ذلك طمعا في أن يأتي لهم برخصة ، فانطلق قوم منهم
كعب بن اسيد ، ومالك بن صيف ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وغيرهم ، فقالوا : يا محمّد
، أخبرنا عن الزّاني والزّانية إذا احصنا ، ما حدّهما ؟ فقال : هل ترضون بقضائي في
ذلك ؟ قالوا : نعم. فنزل جبرئيل بالرّجم ، فأخبرهم بذلك ، فأبوا أن يأخذوا به ،
فقال جبرئيل : اجعل بينك وبينهم ابن صوريا ، ووصفه له ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله :
__________________