وغسل اليدين ليقلّبهما ويرغب بهما ويرهب [ ويتبتّل ] ، ومسح الرّأس والرّجلين لأنّهما ظاهران مكشوفان يستقبل بهما في كلّ حالاته ، وليس فيهما من الخضوع والتّبتّل ما في الوجه والذّراعين » (١) الخبر.
أقول : الظّاهر أنّه وقع التّصحيف في قوله : « لأنّهما ظاهران مكشوفان » وكانت العبارة : ليسا ظاهرين مكشوين يستقبل بهما في كلّ حالاته.
وفي ( العلل ) : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فسألوه عن مسائل ، وكان فيما سألوه : أخبرنا يا محمّد ، لأيّ علّة توضّأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد ؟
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لمّا أن وسوس الشّيطان إلى آدم ، دنا من الشّجرة ، فنظر إليها ، فذهب ماء وجهه ، ثمّ قام ومشى إليها ، وهي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة ، ثمّ تناول بيده منها ممّا عليها وأكل فتطاير الحليّ والحلل عن جسده ، فوضع آدم يده على امّ رأسه وبكى ، فلمّا تاب الله عليه فرض الله عليه وعلى ذرّيّته تطهير (٢) هذه الجوارح الأربع ، فأمره الله بغسل الوجه لما نظر إلى الشّجرة ، وأمره بغسل اليدين إلى المرافق لمّا تناول بهما ، وأمره بمسح الرّأس لما وضع يده على امّ رأسه ، وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة » (٣) .
وزاد في رواية قال : « ثمّ سنّ على امّتي المضمضة لينقى القلب عن الحرام ، والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النّار ونتنها » .
قال [ اليهودي : صدقت ] يا محمّد ، فما جزاء عاملها ؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أوّل ما يمسّ الماء يتباعد عنه الشّيطان ، فإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة ، وإذا استنشق آمنه الله من النّار ورزقه رائحة الجنّة ، وإذا غسل وجهه بيّض الله وجهه يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه ، وإذا غسل ساعديه حرّم الله عليه أغلال النّار ، وإذا مسح رأسه مسح الله عنه سيّئاته ، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصّراط يوم تزلّ فيه الأقدام » (٤) .
وعن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : يصلّي الرّجل لوضوء [ واحد صلاة ] الليل والنّهار كلّها ؟
قال : « نعم ، ما لم يحدث » (٥) .
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : « الطّهر على الطّهر عشر حسنات » (٦) .
في بيان غسل الجنابة وأحكامه
ثمّ لمّا بيّن الله تعالى حكم المحدث بالحدث الأصغر ، كالنّوم والبول والغائط والرّيح ،
__________________
(١) علل الشرائع : ٢٨٠ / ٢.
(٢) في المصدر : غسل.
(٣) علل الشرائع : ٢٨٠ / ١.
(٤) أمالي الصدوق : ٢٥٨ / ٢٧٩.
(٥) الكافي ٣ : ٦٣ / ٤.
(٦) الكافي ٣ : ٧٢ / ١٠.