الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ
النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)﴾
في بيان كيفية الوضوء
ثمّ أنّه تعالى بعد المنّة على العباد بتسهيل أحكامه في أهمّ امور معاشهم من المطاعم والمناكح ، بيّن تسهيله عليهم في ما هو العمدة في أمر معادهم وهو الصّلاة بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ﴾ من النّوم - كما عنهما عليهماالسلام (١) - قاصدين ﴿إِلَى الصَّلاةِ﴾ متهيّئين لها ، أو المراد : إذا أردتم القيام إليها ﴿فَاغْسِلُوا﴾ بالماء المطلق ﴿وُجُوهَكُمْ﴾ من قصاص الشّعر إلى الذّقن طولا ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا - كما عن الباقر عليهالسلام (٢) - ﴿وَأَيْدِيَكُمْ﴾ لكن لا كلّها ، بل ما بين رؤوس الأصابع ﴿إِلَى الْمَرافِقِ﴾ ومفاصل السّواعد والأعضاد ، بحيث تدخلون المرافق في الغسل.
﴿وَامْسَحُوا﴾ بعد الغسلتين أكفّكم المبتلّة ببلل الوضوء ﴿بِرُؤُسِكُمْ﴾ وقد فسّر في صحيح زرارة ببعض الرأس ، لمكان الباء (٣) ، ولا يلتفت إلى إنكار سيبويه مجيء الباء للتّبعيض. ويجب أن يكون في الرّبع المقدّم منه ، ويجزي مسمّاه ، ويستحبّ أن يكون قدر ثلاث أصابع عرضا.
ثمّ عطف سبحانه الأرجل على الرؤوس بقوله : ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ فعلم أنّ المسح يجزي ببعض الأرجل ، بحيث يصدق مسمّاه عرضا ، ويستحبّ بالكفّ ، وأمّا طولا فيجب أن يمسح القدم من رؤوس الأصابع ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ وقبّتي القدمين.
عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فدعا بطست أو تور (٤) فيه ماء ، فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبّها على وجهه فغسل بها وجهه ، ثمّ غمس كفّه اليسرى فغرف بها غرفة ، فأفرغ على ذراعه اليمنى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ لا يردّها إلى المرفق ، ثمّ غمس كفّه اليمنى ، فأفرغ على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثمّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه لم يحدث لهما ماء جديدا ، ثمّ قال : « ولا يدخل أصابعه تحت الشّراك » .
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ١٦ / ١٢٠٨ و١٢٠٩ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٨ / ١٢١٢ ، من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٨ / ٨٨ ، تفسير الصافي ٢ : ١٥.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ١٩ / ١٢١٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨.
(٤) التّور : إناء يشرب فيه.