﴿وَلِيًّا﴾ ينجيهم من العذاب ﴿وَلا نَصِيراً﴾ ومعينا مدافعا عنهم.
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعدما أبطل دعاوى النّصارى بالحجّة القاطعة ، والوعد على الإيمان والطّاعة ، والوعيد على الاستنكاف عن العبوديّة ، أعاد الدّعوة إلى الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآله وكتابه بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ﴾ وحجّة قاطعة على الحقّ ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ اللّطيف بكم ، وهو الرّسول المبيّن للحقائق ، القاطع للأعذار.
وقيل : هو المعجزات الباهرات (١) .
﴿وَأَنْزَلْنا﴾ من السّماء ﴿إِلَيْكُمْ﴾ لهدايتكم ﴿نُوراً مُبِيناً﴾ وقرآنا موضّحا للعلوم ، كاشفا لطريق الهداية ، ومزيلا لظلمات الجهل والغواية ، فما بقي لكم في الانحراف عن الحقّ وترك الدّخول في الإسلام عذر.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (١٧٥)﴾
ثمّ رغّب النّاس في قبول دين الحقّ والالتزام به ، بقوله : ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ﴾ وأقرّوا بوحدانيّته وكمال صفاته ﴿وَاعْتَصَمُوا بِهِ﴾ في أن يحفظهم من الزّلّات واتّباع الشّهوات بتوفيقه ﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ﴾ بعد الموت ﴿فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ﴾ .
عن ابن عبّاس رضى الله عنه : أي في الجنّة (٢) .
﴿وَفَضْلٍ﴾ هو ما لا عين رأت ، ولا اذن سمعت ﴿وَيَهْدِيهِمْ﴾ في الدّنيا ﴿إِلَيْهِ﴾ وإلى مقام قربه ﴿صِراطاً﴾ وطريقا ﴿مُسْتَقِيماً﴾ موصلا.
عن القمّي رحمهالله : النّور : إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، والاعتصام : التّمسّك بولايته وولاية الأئمّة صلوات الله عليهم بعده (٣) .
وفي رواية عن الصادق عليهالسلام : « الصّراط المستقيم : عليّ عليهالسلام » (٤) ، وقد مرّ تفسير ( الصّراط) في الفاتحة.
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٢ : ٢٦٢ ، تفسير روح البيان ٢ : ٣٣٣.
(٢) تفسير الرازي ١١ : ١٢٠ ، تفسير أبي السعود ٢ : ٢٦٣.
(٣) تفسير القمي ١ : ١٥٩ ، تفسير الصافي ١ : ٤٨٦.
(٤) تفسير العياشي ١ : ٤٥٧ / ١١٥٣ ، تفسير الصافي ١ : ٤٨٦.