الحقّ ، ومحمّدا صلىاللهعليهوآله بتكذيبه وإخفاء نعوته وكتمانها.
عن الباقر عليهالسلام ، قال : « نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا : إنّ الّذين كفروا وظلموا آل محمّد حقّهم ... » (١) .
﴿لَمْ يَكُنِ اللهُ﴾ مريدا ﴿لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ عن ذنوبهم ، لعدم قابليّتهم للمغفرة ﴿وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً﴾ من الطّرق ﴿إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ﴾ فلا مناص لهم في الآخرة عن دخولها ، حال كونهم ﴿خالِدِينَ فِيها أَبَداً﴾ دائما ﴿وَكانَ ذلِكَ﴾ الإدخال في النّار والإخلاد فيها مع بقاء الأجساد أبد الآباد ﴿عَلَى اللهِ﴾ وفي جنب قدرته الكاملة غير المتناهية ﴿يَسِيراً﴾ سهلا ، وإن كان في نظر المنكرين لقدرة الله متعذّرا مستحيلا.
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ
تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد دفع شبهات اليهود في رسالة النبيّ صلىاللهعليهوآله وصدق كتابه ، وتوبيخهم بالضّلال والإضلال ، وتوعيدهم بالنّار ، باشر بذاته المقدّسة دعوتهم ودعوة سائر النّاس إلى الإيمان برسالته بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ﴾ محمّد صلىاللهعليهوآله ﴿الرَّسُولُ﴾ الصّادق ﴿بِالْحَقِ﴾ والقرآن المصدّق بالإعجاز ، أو الدّين الموافق للعقل السّليم ﴿مِنْ﴾ عند ﴿رَبِّكُمْ﴾ اللّطيف بكم ، الحافظ لصلاحكم ﴿فَآمِنُوا﴾ به وبكتابه ، يكن الإيمان به في العاجل والآجل ﴿خَيْراً لَكُمْ﴾ وأحمد ممّا أنتم عليه من الكفر بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، وإنكار رسالته وكتابه ﴿وَإِنْ تَكْفُرُوا﴾ بالله ورسوله فلا يضرّ الله شيئا ﴿فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ فلا يحتاج إليكم وإلى إيمكانكم ، ولا يعجز عن تعذيبكم ﴿وَكانَ اللهُ عَلِيماً﴾ بأحوال عباده وبإيمانهم وكفرهم وعلانيتهم وسرّهم ﴿حَكِيماً﴾ في ما يصدر عنه من تعذيب الكافر ، وإثابة المؤمنين.
﴿يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ
وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ
لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١)﴾
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ٤٥٦ / ١١٥٢ ، الكافي ١ : ٣٥١ / ٥٩ ، تفسير الصافي ١ : ٤٨٤.