الّذين يطعنون في عائشة بالزّنا (١) بمنزلة اليهود الّذين قالوا في مريم (٢) .
أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم على الشّيعة ، انظروا إلى الرّجل كيف افترى على الشّيعة بما هم براء منه ، فإنّ أحدا من الشّيعة لم يطعن في عائشة بذلك لقطعهم ببراءتها من الفحش ، لكرامة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا لكمال ذاتها وطهارتها من المعصية ، لصدور ما هو أكبر من الزّنا منها كخروجها على خليفة الرّسول ، وإيذائها لفاطمة البضعة. بل نقول بعصمة جميع زوجات النبيّ عن الفاحشة تنزيها له صلىاللهعليهوآله من الشّين.
فإصرار النّاصب بطهارتها من المعصية ردّ للكتاب النّاطق بعصيانها ، حيث قال سبحانه : ﴿إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ﴾(٣) الآية.
﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ
وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ
اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧)﴾
ثمّ حكى سبحانه وتعالى افتخار اليهود بقتل الأنبياء بقوله : ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ مفتخرين به مع كونه ﴿رَسُولَ اللهِ﴾ .
ثمّ كذّبهم الله في هذه الدّعوى بقوله : ﴿وَما قَتَلُوهُ﴾ بل ﴿وَما صَلَبُوهُ﴾ أصلا ﴿وَلكِنْ شُبِّهَ﴾ المقتول والمصلوب ﴿لَهُمْ﴾ قيل : يعني : وقع الشّبة لهم (٤) .
في رفع عيسى عليهالسلام إلى السماء
روي أنّ رهطا من اليهود سبّوه وقالوا : هو السّاحر بن السّاحرة ، والفاعل بن الفاعلة.
فقذفوه وامّه فلمّا سمع عليهالسلام ذلك دعا عليهم ، فقال : [ اللهم ] أنت ربّي وأنا من روحك خرجت ، وبكلمتك خلقتني ، ولم آتهم من تلقاء نفسي ، اللهمّ فالعن من سبّني وسبّ امّي. فاستجاب الله دعاءه ومسخ الّذين سبّوه وسبّوا امّه قردة وخنازير ، فلمّا رأى ذلك يهودا رأس القوم وأميرهم فزع لذلك ، وخاف دعوته عليه أيضا ، فاجتمعت اليهود على قتل عيسى عليهالسلام ، فبعث الله جبرئيل فأخبره بأنّه يرفعه إلى السّماء ، فقال لأصحابه : أيّكم يرضى بأن يلقى عليه شبهي ، فيقتل ويصلب فيدخل الجنّة ، فقال رجل منهم : أنا ، فالقي شبهه عليه فقتل وصلب (٥) .
وقيل : إنّ الشّبه القي على وجهه دون بدنه ، فلمّا قتلوه نظروا إلى بدنه فقالوا : الوجه وجه عيسى ،
__________________
(١) ( بالزنا ) لم ترد في المصدر.
(٢) تفسير الرازي ١١ : ٩٩.
(٣) التحريم : ٦٦ / ٤.
(٤) تفسير روح البيان ٢ : ٣١٧.
(٥) تفسير روح البيان ٢ : ٣١٧.