كما قال : ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾(١) .
عن القمّي : نزلت في بني اميّة ، حيث خالفوا [ نبيّهم على ] أن لا يردّوا الأمر في بني هاشم (٢).
﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ
الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (١٤٠)﴾
ثمّ قرع المنافقين الموافقين للكفّار مخاطبا بقوله : ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ أيّها المنافقون آية ﴿فِي﴾ هذا ﴿الْكِتابِ﴾ الكريم ، يكون مفادها ﴿أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ﴾ من الكفّار ﴿آياتِ اللهِ﴾ حال كون تلك الآيات المقروءة ﴿يُكْفَرُ بِها﴾ وينكرون كونها من الله ﴿وَيُسْتَهْزَأُ بِها﴾ عند قراءتها ﴿فَلا تَقْعُدُوا﴾ في مجلس الكفرة المستهزئين ، ولا تجالسوا ﴿مَعَهُمْ﴾ اختيارا ﴿حَتَّى يَخُوضُوا﴾ ويشرعوا ﴿فِي حَدِيثٍ﴾ وكلام ﴿غَيْرِهِ﴾ فإن قعدتم مع الكفّار في مجلس يكفرون بالآيات ويستهزئون بها ﴿إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ﴾ عند الله في الكفر والعقاب ، أو في الإثم ، لقدرتكم على الإنكار وترك المجالسة.
نقل الفخر الرازي عن المفسّرين : أنّ المشركين كانوا في مجالسهم يخوضون في ذكر القرآن ويستهزئون به ، فأنزل الله : ﴿وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾(٣) ، وهذه الآية نزلت بمكّة.
ثمّ أنّ أحبار اليهود بالمدينة كانوا يفعلون مثل فعل المشركين ، والقاعدون معهم والموافقون لهم على ذلك الكلام هم المنافقون ، فقال تعالى مخاطبا للمنافقين : إنّه ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ﴾ الآية (٤) ، فدلّت الآية على أنّ الرّاضي بالفسق ، والحاضر في مجلسه مع قدرته على الإنكار ، في حكم المباشر وإن لم يرتكب.
عن الرضا عليهالسلام ، في تفسير الآية : « إذا سمعت الرّجل يجحد الحقّ ، ويكذّب به ، ويقع في أهله ، فقم من عنده ولا تقاعده » (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « وفرض الله [ على السمع ] أن يتنزّه عن الاستماع [ إلى ] ما حرّم الله ، وأن يعرض عمّا (٦) نهى الله عنه ، والإصغاء إلى ما أسخط الله ، فقال في ذلك : ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي
__________________
(١) المنافقون : ٦٣ / ٨.
(٢) تفسير القمي ١ : ١٥٦ ، تفسير الصافي ١ : ٤٧٣.
(٣) الأنعام : ٦ / ٦٨.
(٤) تفسير الرازي ١١ : ٨١.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٤٥١ / ١١٣٥ ، مجمع البيان ٣ : ١٩٥ ، تفسير الصافي ١ : ٤٧٤.
(٦) زاد في تفسير العياشي والكافي : لا يحل له مما.