المؤمنين عليهالسلام آمنوا إقرارا لا تصديقا ، فلمّا مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله كفروا وازدادوا كفرا (١) .
وعن الصادق عليهالسلام : « نزلت في فلان وفلان وفلان ، آمنوا برسول الله صلىاللهعليهوآله في أوّل الأمر ، ثمّ كفروا حين عرضت عليهم الولاية ؛ حيث قال [ النبي صلىاللهعليهوآله ] : من كنت مولاه فعليّ مولاه. ثمّ آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث قالوا : بأمر الله وأمر رسوله. وبايعوه ، ثمّ كفروا حيث مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم يقرّوا بالبيعة ، ثمّ ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء » (٢) .
وفي رواية عنهما عليهماالسلام : « نزلت في عبد الله بن أبي سرح الذي بعثه عثمان إلى مصر [ قال ] : ﴿ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً﴾ حتى لم يبق فيه من الإيمان شيء » (٣) .
وفي رواية : « من زعم أنّ الخمر حرام ثمّ شربها ، ومن زعم أن الزّنا حرام ثمّ زنى ، ومن زعم أنّ الزّكاة حقّ ولم يؤدّها » (٤) .
أقول : بعض الرّوايات [ في ] بيان التّنزيل ، وبعضها [ في ] بيان التّأويل فلا منافاة.
ثمّ أنّه تعالى بعدما يأس المنافقين (٥) من المغفرة والهداية إلى الحقّ أو الجنّة ، أوعدهم بلفظ البشارة تهكّما بدخول النّار ، بقوله : ﴿بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ﴾ يا محمّد ﴿بِأَنَّ لَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿عَذاباً﴾ بالنّار ﴿أَلِيماً﴾ موجعا يخلص ألمه في قلوبهم.
﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ
فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩)﴾
ثمّ لمّا ذكر الله سوء حال المنافقين ، عرّفهم بقوله : ﴿الَّذِينَ﴾ هم ﴿يَتَّخِذُونَ﴾ ويختارون لأنفسهم ﴿الْكافِرِينَ﴾ من اليهود والمشركين ﴿أَوْلِياءَ﴾ وأصدقاء ويركنون إليهم في العون والنّصرة ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ المخلصين ، وبدلا منهم.
ثمّ أنكر عليهم الدّاعي لموالاتهم بقوله : ﴿أَ يَبْتَغُونَ﴾ ويطلبون لأنفسهم بموالاة الكفّار و﴿عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ﴾ والقوّة ، مع أنّهم أذلّاء عند الله ، فقد أخطأوا في ما توهّموه ﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ﴾ والقوة والغلبة ﴿لِلَّهِ﴾ وحده ﴿جَمِيعاً﴾ وبتمام مراتبها ، ليس لأحد غيره وغير من جعلها له ، وهم الرّسول صلىاللهعليهوآله والمؤمنون ،
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٥٦ ، تفسير الصافي ١ : ٤٧٣.
(٢) الكافي ١ : ٣٤٨ / ٤٢ ، تفسير العياشي ١ : ٤٥١ / ١١٣٤ ، تفسير الصافي ١ : ٤٧٣.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٤٥٠ / ١١٣٢ ، تفسير الصافي ١ : ٤٧٣.
(٤) تفسير العياشي ١ : ٤٥١ / ١١٣٣ ، تفسير الصافي ١ : ٤٧٣.
(٥) يقال : يأسه من كذا ، بمعنى أيأسه أو جعله ييأس.