عن التّزوّج بهن بالإكراه ، والتّضييق عليهنّ ، وإساءة العشرة معهنّ بعد التّزويج ليفتدين بصداقهنّ أو ببعضه(١) .
فإنّ أخذ صداقهنّ ومالهنّ لا يجوز بسبب من الأسباب ﴿إِلَّا﴾ بسبب واحد وهو ﴿أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ﴾ وفعلة قبيحة في الغاية ﴿مُبَيِّنَةٍ﴾ ظاهرة ، كعدم التّعفّف ، أو النّشوز وشكاسة الخلق وإساءة العشرة مع الزّوج وأهله.
عن الباقر عليهالسلام ، في تفسير الفاحشة ، قال : « كلّ معصية » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « إذا قالت لزوجها : لا أغتسل لك من جنابة ، ولا أبرّ لك قسما ، ولاوطئنّ فراشك من تكرهه ، حلّ له أن يخلعها ، وحلّ له ما أخذ منها » (٣) .
ثمّ أكّد سبحانه وجوب الرّفق بالزّوجات ، وحسن عشرتهن بقوله : ﴿وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وبما هو مستحسن عند الشّرع والعقل ، من الإنصاف في المبيت والنّفقة ، والإجمال في القول ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ﴾ طبعا ، وسئمتم من صحبتهنّ من غير جهة عصيانهنّ ونشوزهنّ ، فلا تبادروا في التّفريق بمجرّد كراهة النّفس ، بل امسكوهنّ بالمعروف ، واصبروا على معاشرتهنّ ﴿فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً﴾ وتتنفّروا من أمر ﴿وَ﴾ الحال أنّه ﴿يَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾ في الدّنيا كولادة ولد صالح من هذه المرأة ، وفي الآخرة كالثواب العظيم على مخالفة النّفس في الصّبر على المكروه ، ونحو ذلك.
﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ
شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد النّهي عن مضارّة النّساء ، وأخذ شيء من مهورهنّ بأيّ سبب ، أكّد النّهي عنه في صورة إرادة الاستبدال ، بقوله : ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ﴾ واختيار زوجة ﴿مَكانَ زَوْجٍ﴾ وامرأة كانت لكم ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَ﴾ سواء كانت المرأة الاولى أو الثانية ﴿قِنْطاراً﴾ ومالا كثيرا غايته ، عن الصادقين عليهماالسلام : « القنطار ملء مسك (٤) ثور ذهبا » (٥)﴿فَلا تَأْخُذُوا﴾ ولا تنقصوا ﴿مِنْهُ شَيْئاً﴾ ولو كان في غاية القلّة.
روي أنّ الرّجل منهم كان إذا مال إلى التّزوّج بامرأة اخرى ، رمى زوجة نفسه بالفاحشة حتّى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ، ليصرفه إلى تزوّج المرأة التي يريدها (٦) .
__________________
(١) تفسير الرازي ٩ : ١١.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٤٠ ، تفسير الصافي ١ : ٤٠١.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٣٨ / ١٦٣٠ ، تفسير الصافي ١ : ٤٠١.
(٤) المسك : الجلد.
(٥) مجمع البيان ٢ : ٧١٢ ، تفسير الصافي ١ : ٤٠١.
(٦) تفسير الرازي ١٠ : ١٣.