في بيان وجوه استفادة نصيب البنتين من الآية
ثمّ أنّ هذا في
صورة اجتماع الصّنفين ، وأمّا نصيب الذّكور في صورة الانفراد عن الإناث فجميع
التّركة ، لدلالة تعيين نصيب الإناث في حال انفرادها عن الذّكور ، بقوله : ﴿فَإِنْ كُنَّ نِساءً﴾ وبناتا فإن كان عددهنّ اثنتين ، أو عددا ﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ﴾ وزائدا عليه ، بلغن ما بلغن ﴿فَلَهُنَ﴾ بالفرض ﴿ثُلُثا
ما تَرَكَ﴾ وخلّف المتوفّى من المال ، والثّلث الباقي لهنّ ردّا ،
إن لم يكن وارث غيرهن.
وهذا ممّا لا
إشكال ولا شبهة فيه عندنا نصّا وفتوى ، إنّما الإشكال في استفادة حكم إرث البنتين
من الآية المباركة ، وقد ذكّروا لها وجوها ثلاثة : الأوّل : أنّه لمّا بيّن الله
تعالى أنّ حظّ الذّكر الواحد - إذا كانت معه انثى واحدة - مثل حظّ الانثيين ، وهو
الثّلثان ، علم أنّ فرض الاثنين الثّلثان في صورة الانفراد.
الثاني : أنّه
لمّا علم من قوله : ﴿لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ أنّ حظّ الانثيين أزيد من حظّ الانثى الواحدة ، علم أنّ
حظّ الانثيين الثّلثان ، لعدم القول بالفرق.
الثالث : أنّه
لمّا علم أنّ نصيب البنت الواحدة - إذا كانت مع الذّكر الواحد - الثّلث ، علم أنّه
إذا لم يكن معها الذّكر ، وكانت معها الانثى الاخرى ، كان نصيبها الثّلث لأقوائيّة
الذّكر. وأحسن الوجوه الوجه الأوّل.
﴿وَإِنْ
كانَتْ﴾ البنت ﴿واحِدَةً﴾ ليس معها غيرها من الأولاد ، ذكورا وإناثا ﴿فَلَهَا النِّصْفُ﴾ ممّا ترك الميّت بالفرض ، والنّصف الآخر بالرّدّ ، إذا
لم يكن معها من الوالدين والزّوجين أحد.
ثمّ بيّن الله
تعالى حكم إرث والدي المتوفّى حال اجتماعهما مع أولاده ، بقوله : ﴿وَلِأَبَوَيْهِ﴾ لكن لا مجموعا ، بل ﴿لِكُلِّ
واحِدٍ مِنْهُمَا﴾ أبا كان أو امّا ﴿السُّدُسُ﴾ فرضا ، ولكليهما السّدسان ﴿مِمَّا
تَرَكَ﴾ المتوفّى ، قليلا كان أو كثيرا ﴿إِنْ كانَ لَهُ﴾ حين وفاته ﴿وَلَدٌ﴾ وإن نزل ، ذكرا كان أم انثى ، واحدا كان أو متعدّدا.
نعم ، في صورة
انحصار الولد في بنت واحدة ، وفي صورة تعدّدها ووجود أحد الأبوين ، يردّ ما زاد
على الفروض إلى جميعهم على حسب سهامهم.
﴿فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ﴾ أصلا ، لا ذكرا ولا انثى ، بلا واسطة أو معها ﴿وَوَرِثَهُ﴾ من الأقارب النّسبي ﴿أَبَواهُ﴾ فقط ، وإن كان معهما الزّوج والزّوجة ﴿فَلِأُمِّهِ
الثُّلُثُ﴾ ممّا ترك ولأبيه الثّلثان ، إن لم يكن الزّوج أو
الزّوجة ، فإن كان أحدهما فله النّصيب الأعلى ، وللامّ فرضها ، وما بقي من فرض
الامّ وأحد الزّوجين فللأب.