السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... ﴾ ثمّ قال : « ويل لمن قرأها ، ولم يتفكّر فيها » (١) .
وروي أنّه قال : « ويل لمن لاكها بين فكّيه ، ولم يتأمّل فيها » (٢) .
وعن عليّ عليهالسلام : « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان إذا قام من اللّيل يتسوّك ، ثمّ ينظر إلى السّماء ويقول : ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ﴾(٣) .
﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ
النَّارِ (١٩١)﴾
ثمّ وصف الله سبحانه اولي الألباب بقوله : ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ﴾ بألسنتهم وقلوبهم حال كونهم ﴿قِياماً وَقُعُوداً وَ﴾ مضطجعين ﴿عَلى جُنُوبِهِمْ﴾ وفي سائر أحوالهم.
قيل : إنّه ثبت في الطّبّ : أنّ كون الإنسان مستلقيا على قفاه ، يمتنع عن استكمال الفكر والتّدبّر ، بخلاف الاضطجاع على الجنب ، وأنّ الاضطجاع على الجنب يمنع من النوم المغرق (٤) .
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من أراد أن يرتع في رياض الجنّة فليكثر ذكر الله » (٥) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « من أكثر ذكر الله أحبّه [ الله ] » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : « [ لا يزال ] المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله قائما وجالسا ومضطجعا ، إنّ الله يقول : ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ﴾ الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلّي جالسا » (٧) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال لعمران بن حصين : « صلّ قائما ، فإن لم تستطع [ فقاعدا ، فإن لم تستطع ] فعلى جنب تومئ إيماء » (٨) .
ثمّ لمّا كان كمال الذّكر بكونه مع التّفكّر ، وصفهم بقوله : ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ﴾ وإنشائها ﴿وَالْأَرْضِ﴾ وإيجادها ، ويعتبرون بهما.
وقيل : إنّ المراد : يتفكّرون في ما خلق الله في السّماوات من الشّمس والقمر والنّجوم ، وفي ما خلق الله في الأرض من الجبال والبحار والأشجار والوحوش والطّيور.
__________________
(١) تفسير الرازي ٩ : ١٣٣ ، تفسير روح البيان ٢ : ١٤٥.
(٢ و٣) . تفسير الرازي ٩ : ١٣٤.
(٤ و٥) . تفسير الرازي ٩ : ١٣٦.
(٦) الكافي ٢ : ٣٦٢ / ٣ ، تفسير الصافي ١ : ٣٧٧.
(٧) العياشي ١ : ٣٥٧ / ٨٢٩ و٨٣١ ، وتفسير الصافي ١ : ٣٧٧ عن الباقر عليهالسلام.
(٨) تفسير أبي السعود ٢ : ١٢٩.