يألف عينيه نوم اهتماما بطاعة الله وحفظ النبيّ صلىاللهعليهوآله كأمير المؤمنين عليهالسلام.
عن ابن مسعود رضى الله عنه ، قال : النّعاس في القتال أمنة ، وفي الصّلاة من الشّيطان (١) . وذلك لأنّه في القتال لا يكون إلّا من غاية الوثوق بالله والفراغ من الدّنيا ، ولا يكون في الصّلاة إلّا من غاية البعد عن الله.
في غشيان النعاس طائفة من الصحابة
وعن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال : آمنهم بنعاس يغشاهم بعد خوف ، وإنّما ينعس من آمن ، والخائف لا ينام (٢) .
وعن عبد الرحمن بن عوف ، قال : ألقى النّوم علينا يوم احد (٣) .
نقل أنّ المشركين لمّا انصرفوا كانوا يتوعّدون المسلمين بالرّجوع ، فلم يأمنوا كرّتهم ، وكانوا تحت الحجف (٤) متأهّبين للقتال ، فأنزل الله عليهم الأمنة فأخذهم النّعاس.
وروي أنّه غشيهم النّعاس في المصاف ، حتّى كان السّيف يسقط من يد أحدهم فيأخذه ، ثمّ يسقط فيأخذه.
وروي أنّه قال طلحة (٥) : رفعت رأسي يوم احد ، فجعلت لا أرى أحدا من القوم إلّا هو يمتدّ تحت حجفته من النّعاس ، قال : وكنت ممّن القي عليه النّعاس يومئذ ، فكان السّيف يسقط من يدي فآخذه ، ثمّ يسقط السّوط من يدي فآخذه (٦) .
وعن الزّبير ، أنّه قال : كنت مع النبيّ صلىاللهعليهوآله حين اشتدّ الخوف ، فأنزل الله علينا النّوم ، والله إنّي لأسمع قول معتّب بن قشير والنّعاس يغشاني ، ما أسمعه إلّا كالحلم ، يقول : ﴿لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا﴾(٧) .
ثمّ بيّن الله تعالى سوء حال المنافقين منهم بقوله : ﴿وَطائِفَةٌ﴾ اخرى منهم وهم المنافقون كعبد الله بن ابيّ ومعتّب بن قشير وأصحابهما كانوا ﴿قَدْ أَهَمَّتْهُمْ﴾ وأوقعتهم ﴿أَنْفُسُهُمْ﴾ في تدبير النّجاة ، لا همّ لهم غيره ، وذلك لكونهم في حال ﴿يَظُنُّونَ بِاللهِ﴾ من غاية جهلهم وحمقهم ظنّا ﴿غَيْرَ﴾ الظّنّ ﴿الْحَقِ﴾ والصّواب ، بل يكون ظنّهم ﴿ظَنَ﴾ أهل ﴿الْجاهِلِيَّةِ﴾ .
قيل : وجه الشّبه كونه من أقبح أنواع الظّنون.
وقيل : إنّ المراد أنّهم يظنّون ظنّا ناشئا عن غاية الجاهليّة والسّفاهة ؛ لأنّهم اعتقدوا أنّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله يضمحلّ قريبا ، ولن ينصره الله أبدا.
__________________
(١) تفسير الرازي ٩ : ٤٥.
(٢) تفسير أبي السعود ٢ : ١٠١.
(٣) تفسير الرازي ٩ : ٤٥.
(٤) الحجف : جمع حجفة : وهي التّرس من الجلد. وفي النسخة : الجفف.
(٥) في تفسير أبي السعود وروح البيان : أبو طلحة.
(٦) تفسير أبي السعود ٢ : ١٠١ ، تفسير روح البيان ٢ : ١١٢.
(٧) تفسير أبي السعود ٢ : ١٠١.