قيل : إنّ الغموم كانت في احد كثيرة من غلبة العدوّ ، وقتل الاحبّة ، وما نزل على النبيّ صلىاللهعليهوآله وغير ذلك.
وعن القمّي رحمهالله : عن الباقر عليهالسلام : « فأمّا الغمّ الأوّل : فالهزيمة والقتل ، والغمّ الآخر : فإشراف خالد بن الوليد عليهم » (١) .
وقيل : إنّ المراد : غمّا شديدا ، بسبب شجّة وجه الرّسول صلىاللهعليهوآله وكسر رباعيته ، وقتل عمّه حمزة ، بعوض غمّ الرّسول بسبب عصيانكم أمره.
في أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا من المنهزمين في احد
ثمّ أن الفخر الرازي قال في تفسيره الكبير : ومن المنهزمين عمر ، إلّا أنّه لم يكن من أوائل المنهزمين ، ولم يبعد بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبيّ صلىاللهعليهوآله (٢) .
أقول : ليت شعري ، من أين علم أنّه لم يكن من أوائل المنهزمين ؟ ! ثمّ أنه بعدما ثبت أنّه كان من المنهزمين ، كيف يصلح فساد عمله عدم كونه من أوائلهم ؟
ثمّ قال : ومنهم أيضا عثمان ، انهزم مع رجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة ، انهزموا حتّى بلغوا موضعا بعيدا ، ثمّ رجعوا بعد ثلاثة أيام - إلى أن قال - : وأمّا الّذين ثبّتوا مع الرّسول صلىاللهعليهوآله فكانوا أربعة عشر رجلا ؛ سبعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار ، فمن المهاجرين أبو بكر وعليّ عليهالسلام (٣) .
أقول : قال بعض : إنّ أبا بكر أيضا كان من المنهزمين (٤) .
وقال ابن أبي الحديد :
فإن أنس لم أنس اللذين تقدّما |
|
و فرّهما والفرّ قد علما حوب (٥) |
والظاهر أن مراده أبو بكر وعمر ، ويؤيّد ذلك الاعتبار وشهرته بين الشّيعة (٦) .
ثم قال فخر الدّين : وذكر أنّ ثمانية من هؤلاء - أي من الأربعة عشر - بايعوه يومئذ على الموت ؛ ثلاثة من المهاجرين عليّ عليهالسلام ، وطلحة ، والزّبير ... (٧) .
أقول : فعلم أنّ أبا بكر - على تقدير كونه من الثّابتين - لم يكن من الّذين بايعوا رسول الله صلىاللهعليهوآله على الموت ، ثمّ أنّ عدّ طلحة منهم مناف لما روي من اعتراض أنس بن النضر عليه وعلى عمر ، بقوله : ما يحبسكم عن القتال ؟ فقالوا : قد قتل محمّد صلىاللهعليهوآله.
ثمّ أنّ الله تعالى بيّن علّة تراكم الغموم عليهم بقوله : ﴿لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ﴾ من المنافع
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٢٠ ، تفسير الصافي ١ : ٣٦٢.
(٢) تفسير الرازي ٩ : ٥٠.
(٣) تفسير الرازي ٩ : ٥٠.
(٤) راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ : ٢٩٣.
(٥) القصائد العلوية : ٩١ ، وفيه : وما أنس لا أنس ...
(٦) راجع : إرشاد المفيد ١ : ٨٣ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ١٢٣ ، كشف الغمة ١ : ١٩٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥ : ٢١.
(٧) تفسير الرازي ٩ : ٥١.