الجواب :
إذا علمنا يقينا بوجود القيد في الدليل ، ولم نعلم هل هو قيد للطلب المدلول بالهيئة ، أو للفعل المطلوب المدلول عليه بالمادة ، إذا كان ذلك فلا يسوغ الرجوع الى إطلاق الهيئة ولا إطلاق المادة سواء أكان القيد متصلا مثل «حج مستطيعا» أم منفصلا كما لو قال الشارع : «حج» وبعد أمد قال : «ان استطعت» وعلمنا ان هذا الشرط يرجع الى الحج. أما مع اتصال القيد فلأن الظهور لم ينعقد من الأساس لا في الهيئة ولا في المادة حيث يسري إجمال القيد المتصل الى الكلام بمجموعه منذ البداية لمكان العلم الاجمالي بتردد القيد الموجود بين الهيئة والمادة ، ومن البديهة بمكان أنه لا إطلاق مع الإجمال.
واما مع انفصال القيد فإن الظهور والاطلاق في كل من الهيئة والمادة ـ متحقق وموجود ، ولكن العلم الاجمالي بنقض أحدهما غير المعين يبطل الاطلاقين ويوجب طرحهما معا ، لأن البقاء على إطلاق الهيئة عملا بأصل الظهور معارض بمثله في المادة ، وأيضا البقاء على إطلاق المادة أخذا بأصل الظهور معارض بمثله في الهيئة ، وهذا التصادم بين الأصلين يسقطهما معا ولا يبقي للإطلاق من أثر ، وعليه يتحتم الرجوع الى أصل البراءة تماما كما هو الشأن مع الشك في أصل القيد منذ البداية.
المعلق والمنجز
قسم صاحب الفصول الواجب بالنظر الى الزمن ، قسمه الى منجز ومعلق ، وعرّف المنجز بأن زمان الواجب وزمان وجوبه واحد لا يتقدم أحدهما على الآخر ولا يتأخر عنه ، كصلاة الظهر عند الزوال ، وعرّف المعلق بأن زمان وجوبه متقدم على زمان الواجب بحيث لا يمكن الاتيان بالواجب في أول زمان وجوبه كالحج للبعيد عن مكة المكرمة فإنه يجب بالاستطاعة ، أما أداء المناسك فلا يمكن إلا في وقتها الخاص ، وعليه فلا تكون واجبة إلا في حينها.
والذي دعا صاحب الفصول الى اختراع هذا المعلق هو أنه قد ورد في الشرع وجوب بعض المقدمات الوجودية قبل زمان الواجب كالغسل من الجنابة قبل الفجر من أجل الصوم ، فجاء الإشكال بأن الصوم قبل الفجر ليس بواجب فكيف