ببكاء أهله ، وجب تقديم هذا المعارض لأنه يتفق تماما مع قوله تعالى : («وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ـ ١٦٤ الانعام». ومن التناقضات الغريبة أن أناسا من المسلمين يؤمنون بكتاب
الله ، وفي الوقت نفسه يؤمنون بأحاديث تخالف كتاب الله ، وهم لا يشعرون!.
٥ ـ مخالفة
العامة ، والمراد بالعامة هنا أهل الرأي والقياس الذين يستنبطون علل الأحكام
الإلهية بحدسهم وظنونهم ، ويفرعون أحكاما يسندونها الى الله ورسوله لا لشيء إلا
لاعتقادهم بأن الله تعالى علوا كبيرا يشرع الأحكام ويصدرها تبعا للآراء والظنون
بالعلل المستنبطة ، والشيعة يسمّون هؤلاء بالعامة ضد الخاصة الذين يبنون أحكامهم
على أساس كتاب الله وسنة نبيه.
ومن أمعن النظر
في روايات أهل البيت (ص) وأقوالهم الكثيرة في الرأي والقياس وأهله ـ يجد أنهم ما
نهوا شيعتهم عن موافقة العامة حين تعوزهم النصوص ، وأمروهم بمخالفتهم إلا خشية
الوقوع في شبهة الرأي الكاذب ، والقياس الباطل. وتتلخص أقوالهم الآل الأطهار (ع)
بأن دين الله لا يصاب بالظنون ، وأحكامه لا تقاس بالاوهام ، وان أول من قاس إبليس
حيث قال : «خلقتني من نار وخلقته من طين». وعليه يكون الترجيح بمخالفة قياس إبليس
تماما كالترجيح بموافقة كتاب الله وسنّة نبيه.
وإذا رجح
الإمامية خبرا على خبر بمخالفة أهل الرأي والقياس فإن الشافعية رجحوا فتوى على
فتوى بمخالفة أبي حنيفة ، فقد جاء في الجزء الثاني من كتاب جمع الجوامع وشرحه ص
٢٢٨ طبعة ١٣٧٨ ه : أن أبا حامد الاسفراييني ، هو أحد شيوخ الشافعية ، قال : إذا
ورد عن الشافعي قولان لا يعلم أيهما المتأخر فالقول المخالف لأبي حنيفة أرجح من
القول الموافق له.
أما الكرخي ،
أحد أئمة الاحناف ، فقد تجاوز كل حد حيث قال : كل آية في القرآن ، أو رواية عن
رسول الله (ص) تخالف ما قرره مذهب أبي حنيفة فهي مؤولة أو منسوخة!. (انظر تفسير
المنار للآية ١٦٧ من البقرة ، وكتاب ما لا يجوز فيه الخلاف بين المسلمين للشيخ عبد
الجليل عيسى ، الفصل الثامن) .
__________________