تلميذه السيد الهاشمي في كتاب «تعارض الأدلة الشرعية (١)» : «في الترجيح بالأحدثية روايتان : احداهما ساقطة سندا ، والثانية ضعيفة».
٣ ـ صفات الراوي ، فقد سئل الامام (ع) عن الخبرين المتعارضين بأيهما الأخذ والعمل؟ فقال : «خذ بما يقول أعدهما عندك وأوثقهما في نفسك». وفي رواية ثانية «وأفقههما وأعلمهما وأصدقهما وأورعهما» والترجيح في صفات الراوي محل وفاق عند الجميع ، قال الغزالي في المستصفى : «أن يكون أحد الراويين أعدل وأوثق وأضبط وأشد تيقظا وأكثر تحريا». وفي كتاب فواتح الرحموت : «والترجيح بفقه الراوي وضبطه وورعه».
وترجيح الرواية بالأعدل والأوثق حق لا ريب فيه ، أما بالأعلم والأفقه فلا ، إلا في القضاء والفتيا ، فيقدّم الأعلم والأفقه ، والدليل على تقديم الأوثق في الرواية أن مدار تعارض الخبرين على اتهام أحدهما بالكذب فيقدم الأصدق بحكم البديهة ، ولا صلة هنا أبدا للفقه بصدق النقل. والدليل على تقديم الأعلم في الحكم قول الامام (ع) : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما». وهذا غريب عن الخبر والرواية ، وصريح في الحكم والقضاء. وليس من شك أن العدل أساس الحكم ، والعلم صرحه ، ولكن هذا شيء ، وصدق الراوي شيء آخر. وقال الأنصاري : «اتفق العلماء على عدم الترجيح بين الحكام إلا بالفقاهة والورع».
٤ ـ موافقة الكتاب ، وهذا المرجح يرجع الى المضمون ، وتأتي الاشارة ، وفي «أصول الكافي» عن الإمام (ع) : «كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة ، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف .. إذا ورد عليكم حديث فوجدتم فيه شاهدا من كتاب الله ومن قول رسول الله ـ فاقبلوه ـ وإلا فالذي جاء به أولى .. ما وافق حكم الكتاب والسنة يؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة» ولا يختلف اثنان من المسلمين في ذلك ، وهذا المعنى بالذات موجود في كتب السنّة.
وللتوضيح نضرب هذا المثل : جاء في صحيح مسلم وغيره عن النبي (ص) : «الميت يعذّب ببكاء أهله». فلو عارضه حديث يقول : الميت لا يعذّب
__________________
(١) هذا الكتاب فريد في بابه سعة وتفريعا وتحقيقا.