هذي هي البدعة في الدين والضلال المبين ، اما مخالفة القياس وأهله وموافقة الكتاب والسنة فهي ذروة الإسلام وجوهر الايمان .. وما كنت بحاجة إلى هذه الاشارة هنا لو لا ظني بأن هناك من يسرع إلى الحكم على الإمامية بالتعصب ضد أهل الرأي والقياس. ومن أراد أن يعرف أين معدن التعصب ومنبعه فليقرأ أقوال ابن تيمية ، ومنها على سبيل المثال «الرافضة أكذب طوائف أهل الاهواء ـ اقتضاء الصراط المستقيم ص ٣٩١ طبعة سنة ١٩٥٠».
والخلاصة أن المرجحات المنصوصة هي الشهرة الروائية ، والاعدل والاوثق ، وموافقة الكتاب والسنة ، ومخالفة الرأي والقياس وأهله ، وما عدا ذلك محل نظر ونقاش.
الترجيح بين المرجحات
إذا تعارض خبران بحثنا قبل كل شيء عن أحد المرجحات الأربعة المذكورة فإذا وجدنا شيئا منها قدمنا ما يخالف القياس على ما يوافقه وما يوافق الكتاب على ما يخالفه ، والأوثق على من هو دونه ثقة ، والمشهور على الشاذ ، ما في ذلك ريب ، وهنا سؤال يطرح نفسه ، وهو : إذا وجدنا في أحد الخبرين المتعارضين وصفا يوجب الترجيح كالشهرة ، وفي الثاني وصفا آخر كموافقة الكتاب فما ذا نصنع؟ هل نحكم بالتساقط لأن كلا منهما حجة في نفسه لو لا المعارضة ، ومعها لا خبر ولا حجة ، أو نقدم احداهما دون الثانية؟.
الجواب :
أبدا لا ترجيح في العدالة أو الأعدل ، ولا في الشهرة أو الأشهر ، ولا في الموافقة للكتاب أو لمخالفة أهل الرأي والقياس ، ولا في أي شيء على الاطلاق ما دام الجمع العرفي الفني ممكنا ، والجمع الشرعي بخبر ثالث موجودا ، كحمل العام على الخاص ، والمطلق على المقيد ، والظاهر على الأظهر ، والمفسر ـ بالفتح ـ على المفسر ـ بالكسر ـ ومن هنا كان الخبر الواحد مخصصا لظاهر الكتاب وعمومه لأنه قرينة تحدد المراد من الكلام.
وسبقت الاشارة إلى ذلك في فصل التعادل والتراجيح فقرة ، نعم الجمع أولى من الطرح ، وفقرة الورود والحكومة ـ حيث بيّنا أن مسألة الحكومة والورود تجري