١ ـ أن يكون أحد الواجبين مضيقا والآخر موسعا ، فيقدم الأول لأنه يفوت بفوات وقته ، ويؤخر الثاني لإمكان أدائه في الوقت المحدد له!. هكذا ذكر النائيني برواية الخراساني ، وهو خارج عن باب التزاحم حيث يستطيع المكلف ويقدر على الواجبين معا كل في وقته ، والمفروض في المتزاحمين عجز المكلف عنهما وقدرته على واحد منهما فقط.
٢ ـ أن يكون أحد المتزاحمين مشروطا بالقدرة الشرعية ، وهي ما علّق الواجب عليها بنص دليله مثل من استطاع فليحجّ ، والثاني مشروطا بالقدرة العقلية ، وهي مجرد الطاقة على الفعل بلا عسر وحرج ، فيقدم المشروط بالقدرة العقلية ، ومثال ذلك أن يستطيع المكلف الحج ذهابا وإيابا ، وقبل السير والسفر إلى الحج اعلن الجهاد والنفير العام لردع الغزاة والطغاة ، والحج مشروط بالقدرة الشرعية ، والجهاد بالقدرة العقلية ، فيترك المكلف الحج ، وينخرط مع المجاهدين لأن جهاد العدو أهم ووجوبه مطلق ، ونفعه أفضل وأكمل.
٣ ـ أن يكون لأحدهما بدل اضطراري دون الآخر ، فيقدم ما لا بدل له ، ويؤخر ما له البدل ، ومثاله أن يكون عند المجنب ماء يكفيه للغسل فقط ، وبالقرب منه نفس محترمة في أمسّ الحاجة إلى هذا الماء ، فهي به أولى ، ويتيمم المجنب للصلاة بدلا عن الغسل.
٤ ـ أن يكون الوقت مختصا بأحد الواجبين منذ البداية قبل حدوث التزاحم ، ثم زاحمه في وقته المختص واجب طارئ ، فيقدم صاحب الوقت ، ومثاله أن يضيّق وقت الفريضة اليومية ، وتزاحمها فيه صلاة الكسوف أو الخسوف ، فيقدم اليومية لأنها أصيلة ، وصلاة الآية دخيلة.
٥ ـ أن يكون أحدهما أهم من الآخر ، فيقدم الأول ، كما لو رأى المصلي شخصا أوشك على الهلاك ، فيقطع صلاته ويسعفه ، وقريب منه أن يدور أمر المكلف بين ضررين ، فيختار أهون الشرّين ، فما كان ضرره أقل فهو المطلوب ، وما كان ضرره أكثر فهو المتروك ، وكذلك شأن المنفعة ، فما كان نفعه أكثر فهو الأهم ، وما كان نفعه أدنى فهو المهم.
وهذه القاعدة من أهم مدارك الفقه ، ويتفرع عليها العديد من مسائله ، وهي فطرية عقلية ، وعرفية شرعية ، وضرورة دينية سجّلها القرآن في العديد من