اما التعريف الاصطلاح فنستوحيه من أقوال جماعة من علماء الاصول في الفرق بين التعارض والتزاحم تاركين سائر التعاريف لمن يقرأها أو «لا يقرأها» ويتلخص التعريف المستوحى بأن التعارض هو التمانع بين دليلين بالنظر إلى أن كلا منهما يكشف عن حكم ينقض ما يكشف عنه الآخر في مقام الجعل والتشريع لا في مقام الطاعة والامتثال ، وبكلمة : ان التعارض هو التدافع بين حجتين .. وبما ان التدافع والتناقض محال في حق الشارع العليم الحكيم احتجنا إلى علاج مقبول ومعقول لذلك.
والمراد بالتعادل هنا التكافؤ والمساواة بين الحجتين بلا مزية لإحداهما على الأخرى من حيث الاعتبار ووجوب العمل لو لا المعارضة. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس للتعادل إلا فرض واحد ، وهو عدم الصفة المرجحة ، على عكس التراجيح أو المرجحات المفروض فيها وجود صفات متعددة وموجبة للتقديم والغلبة.
حول التزاحم
يلتقي التزاحم مع التعارض على صعيد التنافر والتمانع من حيث هو مع الفرق بأن السبب الموجب للتمانع في باب التعارض هو الاصطدام بين حكمين شرعيين ـ كما يبدو في الظاهر ـ أي ان التعارض جاء من داخل الجعل والتشريع لا من خارج عنه ، ومثاله أن يروي راو أن الفقاع حرام ، ويروي آخر أنه حلال. أما التمانع في باب التزاحم فسببه عجز المكلف عن طاعة الحكمين وامتثالهما معا لا جعل الشرع والشارع ، ومثاله أن يقول من تجب طاعته : أكرم زيدا ، وأكرم بكرا ، ويعجز المكلف عن إكرام الاثنين معا لسبب أو لآخر لا يمت إلى صاحب الشريعة بصلة حيث لا تعاند بين وجوب اكرام هذا وذاك.
وأيضا يلتقي التزاحم مع التعارض على صعيد التعادل والتراجيح مع الفرق في نوع المرجحات وحكم التعادل والمساواة من الوجهة الشرعية ، ويأتي الحديث عن مرجحات التعارض وحكم المساواة بين المتعارضين ، أما تعادل المتزاحمين وتكافؤهما فالحكم فيهما التخيير بالاتفاق وإلا فالترجيح للأهم. وذكر النائيني خمسة أسباب توجب العناية والاهتمام بأحد المتزاحمين دون الآخر ، وقد استفادها من تتبعه واستقرائه لكتب الفقه والأخبار ، وهي :