أجل هناك أفعال تدل صورتها عليها ، ولا أحد يشك فيها ، كالصلاة على الميت بل مطلق الصلاة والوضوء وزيارة الحسين عليهالسلام ، فكل انسان إذا رأى شيئا من ذلك يجزم بأنه عبادة ، ويخبر عنه ويقول : رأيت فلانا يتوضأ أو يصلي أو يزور الحسين (ع) ولا يحتمل اطلاقا ان فعله هذا مجرد عمل اعتاد عليه الفاعل ، أو قصد به الرياضة ، أو أي شيء آخر.
ولكن إذا شك في هذه العبادة : هل هي عن نفسه أو نيابة عن غيره ، وانه هل يصلي قضاء أو أداء ـ فأصل الصحة لا يثبت شيئا من ذلك لأن القضاء والنيابة من العناوين القصدية (١) فالقصد مأخوذ في موضوعه ومفهومه ، والشك فيه يمنع من العمل بأصل الصحة ، ومن أراد إثبات العناوين القصدية فعليه أن يعتمد على اخبار القاصد ، أو أي شيء سوى أصل الصحة. والتفصيل في كتب الفقه.
أصل الصحة والاستصحاب
كل فعل نشك في صحته وفساده من حيث ترتب الأثر عليه ـ فالأصل الأولي (أي العدم) يقتضي الفساد ونفي الأثر عنه ، سواء أكان هذا الفعل من نوع العبادات أو غيرها عملا بإبقاء ما كان على ما كان حتى يثبت العكس.
ولكن لما كان الشك في ترتب الأثر المقصود على الشيء المشكوك ناشئا ومسببا عن الشك في أن هذا المشكوك هل هو واجد لما اعتبره الشارع فيه ، وكان أصل الصحة ضامنا وكفيلا لإثبات ما أراد الشارع ، لما كان الأمر كذلك ينتفي الشك في فساد الفعل وعدم ترتب الأثر عليه ، ويرتفع موضوع الأصل الأول ، وهذا معنى حكومة أصل الصحة على استصحاب الفساد (أي عدم ترتب الأثر) ولو أخذنا بهذا الاستصحاب وقدمناه على أصل الصحة لم يبق لهذا الأصل من مورد وموضوع وكان لغوا وعبثا.
ولكن يجب أن لا ننسى ما سبقت الإشارة اليه من أن أصل الصحة لا يجري
__________________
(١) هذه العناوين القصدية هي الهدف من التنبيه الرابع الذي ذكره الأنصاري ، والأمر الرابع الذي حرره النائيني ، وكان الأنسب أن يشير إليه في التنبيه الثالث وكذلك النائيني ، وأيضا كان ينبغي أن نشير إليه في الفقرة المعنونة بالعقد وأصل الصحة ، ولكن آثرنا السير على درب الأنصاري تماما كما فعل النائيني.