المكلف ، وصحة العقد ترتب الأثر الشرعي والعرفي عليه كالملك والحل والإرث.
ومن هنا اشتهر «صحة كل شيء بحسبه». وكما يصدق هذا على العقد المركب من الإيجاب والقبول وسائر الشروط ، وعلى الصلاة بمجموعها أجزاء وشروطا ـ يصدق أيضا على كل جزء وشرط منها بمفرده ، فمعنى صحة الايجاب في العقد ، وصحة الركوع في الصلاة ـ مثلا ـ أنه لو انضمت اليه الاجزاء والشروط الباقية لصحت الصلاة بكاملها ، وصح العقد بمجموعه ، وليس معنى صحة الايجاب انها توجب حتما وجود العقد.
وأيضا صحة العقد بمجموعه لا تستدعي وجود الشرط الذي هو بمنزلة الجزء والركن كالقبض في الهبة والوقف ، والإجازة في الفضولي ، والإذن ببيع الرهن ، فأصل الصحة يجري في عقد الواهب كصيغة ، وكذلك في عقد الواقف والمرتهن والفضولي حتى مع العلم بعدم القبض أو الاجازة ، ولكنه لا ينفذ فور إنشائه لأن التنجيز والتنفيذ يرتبط بالقبض في الهبة والوقف ، وبالاجازة في الفضولي والمرتهن ، وعليه يكون معنى صحة العقد أنه لو حصل القبض أو الاجازة لاكتفينا في مقام التنفيذ بالعقد الموجود ، ولا داعي لعقد جديد.
وقبل الختام نشير إلى أن أصل الصحة لا يختص بفعل المسلم ، بل يعمّ ويشمل أفعال الناس بالكامل ، أما التعبير بفعل المسلم فلأن الأغلبية العظمى في بلاد الفقهاء كانوا مسلمين ، وكان الفقهاء يخاطبون بالأحكام الجمهور المسلم. قال الآشتياني : «ان اصالة الصحة ليست مختصة بفعل المسلم ، بل مجراها أعم منه».
احراز الموضوع والعنوان
لا يجري أصل الصحة إلا بعد أن نعلم ونحرز نفس الموضوع والعنوان الذي تعلق به الأمر وعليه يترتب الأثر الشرعي مباشرة وبلا واسطة ، وان شككنا في موضوع الحكم وتردد بين شيئين فلا يجري أصل حيث لا حكم بلا موضوع ، ولا نقش بلا عرش ـ مثلا ـ إذا رأيت رجلا يغتسل وتساءلت في نفسك : هل يتطهر من الجنابة أو يغتسل لمجرد النظافة؟ فأصل الصحة لا يثبت انه جنب وانه يتطهر من الجنابة ، وأن طهارته هذه صحيحة شرعا!. ومن يعمل بأصل كهذا فهو تماما كمن يكذب على نفسه ، ثم يصدق كذبته ويرتب عليها آثار الواقع.