مالكا لفدك في آن من الآنات ، وبين أن ينتقل إلى ربه وهو مالك لفدك ، أبدا لا ملازمة هنا كي تنتقل فدك بالإرث من النبي إلى المسلمين أو إلى أبي بكر بوصفه وكيلا عنهم.
لقد كان على أبي بكر أن يقيم أولا وقبل كل شيء البينة على ان النبي توفي مالكا لفدك وانها من جملة ما ترك ، ثم يحتج على سيدة النساء فاطمة ، ولكنه عكس الأمر وطلب البينة من صاحب اليد المالكة المتصرفة ، طلب منها البينة لا لشيء إلا لمجرد دعواه بأن ما تركه أبوها فهو صدقة!. ونحن نسلم ـ جدلا ـ بذلك ، ولكن نتساءل : هل كان النبي (ص) يملك فدكا حين وفاته حتى يصدق عليها أنها من جملة ما ترك؟ كيف ، وقد ذهب إلى ربه وفدك ليست في يده ولا في تصرفه ، بل في يد السيدة المعصومة وفي سلطانها وتصرفها باعتراف أبي بكر وجميع الصحابة.
وبعد ، فإن حكاية المعصومة وفدك وأبي بكر تماما كحكاية والد وهب ولده دارا وسكنها الولد في حياة الوالد ، وبعد موت الوالد جاء فلان الفلاني وقال للولد الساكن المتسلط : عليك أن تخلي الدار وتسلمني إياها لأن أباك قد أوصى لي بجميع ما ترك ، قال هذا دون أن يثبت أن الدار من جملة ما ترك الموصي! ومع التسليم بالوصية وصحتها هل يسوغ لعاقل وفاهم أن يقول للولد المتسلط عليك أن تسلم الدار للمدعي لأن أباك قد أوصى له بجميع ما ترك بعد العلم بأن أباه مات ، وهذه الدار على غير ملكه ، لأنها في يد غيره ، واليد تدل على الملك؟.
اليد والوقف
قلنا : ان اليد أمارة على الملك مع الجهل بحالها ، وانه مع العلم بالحال نستصحب هذه الحال المعلومة ، ولا نأخذ باليد ، ونشير هنا الى ان اليد قد تسقط عن الأمارة والدلالة على الملك حتى مع الجهل بالحال السابقة ، وذلك فيما إذا استولت يد على عين نعلم بأنها ـ فيما مضى ـ كانت وقفا بلا ريب ، وحين رأينا اليد عليها تساءلنا : هل عرض لهذه العين عارض جعلها قابلة ومؤهلة للملك