التخصص والتخصيص والورود والحكومة
ومعنى التخصيص أن الخاص يصرف العام عن عمومه ويخرج منه بعض أفراده حكما لا موضوعا ، فأكرم العلماء يشمل الجميع ، ولا تكرم فسقتهم يخرج كل فاسق منهم عن وجوب الاكرام ، ولا يخرجه عن حوزة العلم والعلماء.
ومعنى التخصص تقابل الأمرين ظاهرا وواقعا ، وخروج كل عن الآخر موضوعا كتقابل العالم والجاهل.
ومعنى الورود أن يرفع الدليل موضوع الأصل وجدانا ، ولكن بواسطة التعبد الشرعي ، ومثاله حكم العقل بدفع الضرر الأخروي وان كان محتملا ، فيأتي دليل من الشرع ويقول : رفع عن امتي ما لا يعلمون ، فيلغي احتمال الضرر الأخروي في الشبهة الحكمية الابتدائية ، ولا يبقي هذا الدليل الشرعي لحكم العقل من موضوع.
ومعنى الحكومة عند الأنصاري أن ينظر الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم ، ويفسر المراد منه باخراج بعض ما دخل في مدلوله ، أو بادخال بعض ما هو خارج عنه ، ومثال الإخراج حكومة «لا ضرر» على أدلة الأحكام العامة. انظر فصل حول لا ضرر ولا حرج. ومثال الإدخال قول الشارع : مداد العلماء كدماء الشهداء ، فانه يوسع مفهوم الشهيد ، ويدخل فيه العالم المؤلف شريطة أن يكون عمله لوجه الله تعالى.
والفرق بين هذه الأربعة أن التخصيص يسلب ظهور العام وحكمه الخاص ان كان المخصص موصولا ، ويسلب الحكم عنه دون الظهور ان كان مفصولا ، اما الحكومة فتحدد موضوع الحاكم بادخال بعض ما خرج أو اخراج بعض ما دخل فيه ادعاء وتنزيلا ، ولا تمس ظهوره من قريب أو بعيد ، اما التخصص فخروج كل من موضوع الدليلين عن الآخر تكوينا لا تنزيلا من الشارع. وفي الورود تنزيلا منه والقصد من التنبيه إلى هذه الأقسام هو رفع الاشتباه عما يظن أن بين الحاكم والمحكوم ، وبين الوارد والمورد معارضة ومناطحة ثم ترجيح القوي على الضعيف ، والظاهر على الأظهر مع أنه لا معارضة اطلاقا بين الحاكم والمحكوم والوارد والمورد كي تجري هذه العملية تماما كما هي الحال في التخصيص والتخصص.