١ ـ ان يجري الاستصحاب في الحكم وموضوعه معا على أن يكون السبب الموجب للشك في بقاء الحكم لا يمت بصلة إلى الشك في بقاء الموضوع ، بل هو شيء آخر ، ومثاله أن نعلم بإسلام زيد قبل غيابه ، وبعد هجرته إلى أوروبا سمعنا عنه ما يوجب الريب في إسلامه ، وفي الوقت نفسه شككنا في حياته إلى الآن ، فسبب الشك في إسلامه سمعة السوء ، وسبب الشك في حياته شيء آخر ، فنجري الاستصحاب في الموضوع وهو الحياة لليقين السابق والشك اللاحق ، ونجريه أيضا في الحكم وهو الإسلام على تقدير الحياة ، بل يسوغ هذا الاستصحاب حتى مع العلم بموت زيد ، ونثبت أنه مات على الاسلام ، ونرتب عليه جميع آثاره.
٢ ـ أن لا يجري الاستصحاب في الحكم ولا في موضوعه ، وذلك إذا شككنا في الحكم بسبب الشك في موضوعه المردد بين ما هو مرتفع قطعا ، وبين ما هو باق يقينا ، ومثاله أن ينقلب الخمر خلا ، ولا ندري : هل موضوع التحريم هو صورة الخمر ومظهره كي يحل بهذا الانقلاب ، أو هو ذات الخمر وعنصره كي يبقى على التحريم ، ولا يجري الاستصحاب هنا في الحكم ، للشك في موضوعه وعدم احرازه ، ولا فرع بلا أصل ، أو بكلمة أطول «ان ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له». وأيضا لا يجري الاستصحاب في الموضوع لعدم اليقين السابق بعد الفرض أنه مردد بين أمرين : أحدهما معلوم الارتفاع ، والثاني معلوم البقاء.
٣ ـ ان يجري الاستصحاب في الموضوع دون الحكم ، وذلك بأن تشك في بقاء الحكم للشك في بقاء موضوعه المعين والمعلوم سابقا بالتفصيل ، فيجري الأصل في الموضوع دون الحكم ، لأن نسبة الموضوع إلى الحكم كنسبة السبب الى المسبّب والاصل في السبب حاكم على الأصل في المسبب ومقدم عليه ، ومتى وجد السبب وجد المسبب حتما ، وعليه يكون استصحابه تحصيلا للحاصل ، ومثاله أن نتوضأ بماء مشكوك الطهارة بعد العلم بها ، واستصحاب طهارة الماء يستدعي صحة الوضوء ، فنقدم استصحاب طهارة الماء لأنها السبب الموجب لصحة الوضوء.
٤ ـ ان يجري الاستصحاب في الحكم فقط للعلم بالموضوع ، كالشك في نسخ المتعة المعلومة بعد اليقين بجوازها ، فنستصحب بقاء الجواز وعدم النسخ.