الجواب :
كلامنا السابق كان ضد الاستصحاب والمستصحب ، وانه لا يصح بحال سواء أكان وجوب الجزء مطلقا أما مقيدا ، وأم الجواب عن حال الشك في نوع الجزء أو الشرط فقد ذكرناه في أثناء الكلام عن الاستصحاب وبيّنّا أن الشك في وجوب البقية الباقية هو شك في وجوب جديد وحدوثه ، والأصل فيه البراءة.
ولا مجال هنا لقاعدة الاحتياط والاشتغال بعد أن فرضنا أن الواجب الأول والأصيل متعذر للعجز عن بعض ما يعتبر فيه من جزء أو شرط ، وعليه فلا يقين بالتكليف واشتغال الذمة به حتى يستدعي اليقين بالفراغ والخروج عن العهدة. وأيضا لا سبيل إلى القول بأن الجزء أو الشرط المتعذر يعد في نظر العرف من حالات المأمور به وأوصافه العارضة لا من أركانه ومقوماته ، وعليه يكون المتيقن والمشكوك واحدا فيجري الاستصحاب ، أبدا لا سبيل إلى ذلك لأن المرجع الوحيد في معرفة المركبات الشرعية وتشخيصها هو صاحب الشرع والشريعة ، وليس الناس وأهل العرف.
التنبيه العاشر المراد باليقين والشك
تكررت كلمتا اليقين والشك في أخبار الاستصحاب ، فاقتضت الحال بيان المراد منهما ، ومهما كان معنى الشك في اللغة والعرف فإن المقصود منه في الأخبار ضد اليقين ، فيشمل الظن غير المعتبر شرعا ، وقول الإمام (ع) : «لا ينقض اليقين بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر» صريح في ذلك حيث جعل الشك في مقابل اليقين ، ولا يجتمع يقين مع احتمال راجحا كان أو مرجوحا ، ومثله في الدلالة قوله : «لا ينقض اليقين إلا باليقين» لأن هذا الحصر يدل على أن الظن بحكم الشك من حيث حرمة النقض بهما .. هذا بالإضافة إلى الاجماع القطعي قولا وعملا.
والمراد باليقين كل ما يكشف عن الواقع ويعبر عنه بطريق سليم كالعلم