الموضوع. وإذا تعذر التمسك بالعام لسبب أو لآخر وجب الرجوع إلى الأصول العملية غير الاستصحاب.
ومثّل الأنصاري لهذا الفرض بأكرم العلماء في كل يوم ، ولا تكرم زيدا في يوم الجمعة ، فالأمر هنا بإكرام العلماء ينحل إلى أوامر بعدد أيام العمر ، خرج منها يقينا يوم الجمعة بالنسبة إلى اكرام زيد فيقتصر عليه ، وندخل السبت المشكوك تحت العام ، ولا يسوغ ان نستصحب التحريم من الجمعة إلى السبت لتعدد الموضوع كما أشرنا.
وإذا استفدنا من دليل العام أن الشارع أنشأ حكما واحدا فقط مستمرا حتى نهاية العمر لا أحكاما متعددة بتعدد الأفراد ـ فلا يجوز التمسك بالعام لإدخال الزمن المشكوك تحته ، لأن الأزمنة هنا ليست افرادا لعامّ ولا جزئيات ومصاديق ، بل الزمن بكامله مصداق واحد وظرف واحد لحكم واحد ، وعليه يتعين العمل بالاستصحاب لوحدة الحكم والموضوع ، وإذا تعذر الاستصحاب لسبب من الأسباب وجب الرجوع إلى غيره من الاصول ، ولا يجوز الرجوع إلى العام بحال.
في ظني ومعرفتي
وعلى أية حال فإن أكثر الأدلة الشرعية تثبت الأحكام لمتعلقاتها وكفى ، اما الدوام والاستمرار لكل حال وزمان فنستفيده من دليل الاطلاق ومقدمات الحكمة ، ومن مناسبة الحكم لموضوعه أحيانا ، ومن الفرار من اللغو والعبث في قول الحكيم العليم ، ومن العقل وفطرة الله التي فطر الناس عليها.
وهكذا الشأن في كل اطلاق وعموم علمنا بخروج بعض أفراده منه في الجملة ، فلا يسوغ لنا التمسك به في كل ما يعود إلى الخارج عنه جملة لا تفصيلا ، ولا تنحصر أسباب الإجمال والإهمال بالشبهة المصداقية ولا بما قاله العلماء في كتبهم ، فليس كل العلم وكل الفقه في أقوالهم ، وربما كان لاطمئنان النفس بظهور اللفظ بعض الأثر.