محل البحث
ومحل البحث فيما إذا ورد عام فيه إطلاق وشمول لكل الأزمنة ، ثم ورد خاص وأخرج زمانا معينا منها ولا عموم في هذا الخاص لغير الفرد المعين ، بل هو مهمل ومجمل بالنسبة الى سواه ، وشككنا في حكم الزمان التالي بلا فاصل للوقت الذي خرج عن العموم ، فما ذا نصنع؟ هل نلحق هذا الفرد المشكوك بحكم الخاص عملا بالاستصحاب ، أو نلحقه بحكم العام تمسّكا بدلالته وشمولها؟ ومثال ذلك قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فكلمة العقود لعموم أفراد العقد ، وكلمة أوفوا لوجوب الوفاء المطلق في كل حال وزمان ، ومعنى مجموع الكلمتين يجب الوفاء بكل عقد في كل حال وزمان.
ثم قام الإجماع على أن المتعاقدين إذا عقدا صفقة فيها غبن على أحدهما فللمغبون خيار الرد في الجملة ، فخرج الخيار الفوري عن العموم الزماني قطعا ، وشككنا في الزمن التالي له المعبر عنه بالتراخي : هل يثبت فيه الخيار للمغبون عملا بالاستصحاب ، أو لا يثبت تمسكا بعموم اوفوا بالعقود الشامل لكل زمان ، ومنها زمن التراخي المشكوك. هذا هو محل البحث هنا.
رأي الأنصاري
قال الأنصاري : لا نتمسك بالعام مطلقا وفي كل مورد ، وأيضا لا نعمل بالاستصحاب مطلقا كذلك ، بل ننظر إلى دليل العام ، فإذا استفدنا منه أن الشارع أنشأ حكمه على كل فرد من الزمن ، واعتبره جزئيا من جزئيات العام بحيث يكون فردا له مستقلا بذاته وبحكمه عن أي فرد آخر ، لأن حكم الشارع هنا ينحل إلى أحكام بعدد الأزمنة تماما كأيام شهر رمضان لا كيوم واحد وأجزائه ـ إذا كان الأمر كذلك وشككنا في فرد من الزمن وجب التمسك بعموم العام لإدخال المشكوك حيث يكون الشك ، وهذي هي الحال ، شكا في التخصيص الزائد على القدر المتيقن.
ولا يصح استصحاب حكم الزمن السابق إلى الزمن اللاحق لأن هذين الزمانين فردان متغايران وموضوعان مختلفان ، والشرط الأساسي في الاستصحاب وحدة