وتسأل : ان أحد الفردين اللذين تردد الكلي بينهما قد ارتفع يقينا ، والآخر مشكوك الحدوث ، وعليه يكون الكلي أيضا مشكوك الحدوث لأن وجوده عين وجود هذا الفرد الذي نشك في أصل وجوده ، فكيف نستصحب ما ليس لنا علم بحدوثه؟ وما بقاء فرع بلا أصل؟ ان دليل الاستصحاب يقول : «من كان على يقين ثم شك فلا ينقض اليقين بالشك» وبعد ذهاب أحد الفردين فلا يقين بحدوث الكلي كي نبقي عليه ولا ننقضه .. أبدا لا شيء هنا إلا الشك في الحدوث ، فيتعين أصل العدم لا استصحاب البقاء.
الجواب :
لدينا فيما نحن فيه فردان ، وقدر جامع بينهما ، وهو الكلي ، فإذا نظرنا إلى كل من الفردين بخصوصه صح القول فيه بأنه مشكوك الحدوث ، وانه من أجل ذلك لا يجري فيه الاستصحاب حيث لا نقش بلا عرش. اما إذا نظرنا إلى الكلي المشترك بين الفردين بصرف النظر عنهما ، فلا ريب في انه قد كنا نعلم علم اليقين بوجوده قبل ذهاب الفرد القصير ، وانه قد شككنا في بقائه بعد ذهاب هذا الفرد. وهذا هو بالذات موضوع الاستصحاب ، ومدلول الدليل القائل : لا تنقض اليقين بالشك ، وأبق ما كان على ما كان.
سؤال ثان : إن الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل ، فإذا أجرينا الأصل في عدم حدوثه علمنا يقينا بارتفاع الكلي لأن الشيء إذا انتفى ينتفي ما في ضمنه حتما وجزما ، وإذن فلا موضوع لاستصحاب الكلي.
الجواب :
ان الشك في بقاء الكلي مسبب عن العلم بارتفاع الفرد القصير ـ على تقدير وجوده ـ لا عن الشك في حدوث الفرد الطويل ، ولا شيء أدل على ذلك من أن اليقين بوجود الكلي كان سببه العلم الاجمالي بحدوث أحد الفردين ، وقد استمر هذا اليقين إلى أن علمنا يقينا بارتفاع الفرد القصير وذهابه ـ على تقدير وجوده ـ وعندئذ فقط طرأ الشك في بقاء الكلي بعد العلم بحدوثه ، ولو لا العلم بارتفاع القصير لاستمر اليقين ولم يطرأ أي شك.