لكل منهما أثر شرعي يخصه ألحقناه به ، والسر واضح وهو اليقين بالحدوث والشك في البقاء.
الكلي والفرد المردد
٢ ـ ان يكون للكلي فردان : أحدهما نرجو له طول البقاء لتمام المادة فيه والقابلية للاستمرار ، والآخر على العكس لا مادة ولا قابلية إلا إلى أوان قصير ، وقد علمنا بوجود الكلي ضمن أحد الفردين لا على التعيين ، ثم شككنا في بقاء الكلي لسبب واحد ، وهو أن القصير قد انتهى يقينا بانتهاء امده ، اما الفرد الطويل فهو باق يقينا ـ على تقدير وجوده ـ لبقاء أمده.
ومثلوا له بالحي المردد بين البقة والفيل ، وقال النائيني لا يجري الاستصحاب في هذا المثال لأنه من الشك في المقتضي ، وفي رسائل الأنصاري مثال من العبادة وهو أن يخرج من المكلف شيء مردد بين البول والمني ، فيجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء والغسل (١) ولكن المكلف فعل احدهما دون الآخر فتوضأ ولم يغتسل من الجنابة ، أو اغتسل ولم يتوضأ ، فهنا يقين بوجود كلي الحدث المردد بين الأصغر والأكبر ، وشك في بقائه بعد الوضوء أو الغسل ، فنستصحب كلي الحدث ، وتلحقه الآثار المترتبة على القدر الجامع بين الحدثين الأصغر والأكبر كتحريم مس كتابة المصحف ، اما الآثار المترتبة على خصوص الجنابة كعدم دخول المسجد ، أو على خصوص الحدث الأصغر فلا تلحق الكلي.
اما الفرد الطويل فلا يجري فيه الاستصحاب ، بل يجري فيه أصل العدم لأن موضوع الاستصحاب يقين بالحدوث وشك في البقاء ، والفرد المذكور غير معلوم الحدوث بل وجوده وحدوثه محل الشك ، فكيف يجري الاستصحاب؟
__________________
(١) قد يقال : لا يصح الوضوء إلا مع الخلو من الجنابة فكيف يغتسل بعد الوضوء؟ وأيضا بعد الغسل من الجنابة لا داعي للوضوء ، فكيف يتوضأ؟ والجواب : قبل الوضوء والغسل كنا نعلم بوجود الحدث الكلي ، وبعد فعل احدهما دون الآخر شككنا في بقاء الكلي فنستصحبه ، ولا وسيلة للعلم بالطهارة ورفع الحدث الكلي المردد بين الفردين إلا بالوضوء والغسل معا فوجب الجمع بينهما بالاضافة إلى أن أصل عدم حدوث البول لا يثبت الجنابة ، وأصل عدم حدوث الجنابة لا يثبت البول إلا على الأصل المثبت.