ظاهر ـ لأن الأمور الطبيعية غير مقدورة للمكلف ولا تنالها يد الشرع
والتشريع سلبا ولا ايجابا حتى بالتبع والواسطة. والأقرب الأنسب أن يسمى هذا النوع
بالعلامة والأمارة على وجود التكليف الشرعي أو نفيه ، فزوال الشمس ـ مثلا ـ علامة
على أن الشارع أوجب الصلاة في هذا الوقت ، والحيض علامة وأمارة على أن الشارع لا
يريد الصلاة ولا يقبلها في هذه الحال.
٢ ـ يمكن جعله
وتشريعه لأنه مقدور للمكلف ، مثل الملكية المترتبة على عقد البيع والزوجية على عقد
النكاح ، وهذا النوع جعله الشارع بالأصل لا بالتبع حيث أقره ورضي به ، ومعلوم أن
السنة الشرعية هي قول الشارع أو فعله أو تقريره. ويستحيل أن يكون الحكم الوضعي هنا
تابعا للحكم التكليفي ؛ وهو حلّيّة التصرف بالمال وجواز التمتع بالزوجة ، بل الحكم
التكليفي تابع للوضعي ، وهو الملكية والزوجية لأن حلية التصرف فرع عن الملكية ،
وجواز التمتع من آثار الزوجية ولا عكس.
٣ ـ يمكن جعله
وتشريعه لأنه مقدور للمكلف تماما كالقسم الثاني ، ولكن الشارع جعله تابعا للحكم
التكليفي وفرعا عنه ، ومثاله أن يأمر الشارع بالصلاة حال الطهارة وبقراءة السورة
وينهى عن النجاسة حين إقامتها وأدائها ، ويتفرع على أمره هذا اعتباره الطهارة كشرط
للصلاة والسورة كجزء لها ، ويتفرع على نهيه اعتبار النجاسة كمانع من صحة الصلاة
وقبولها. ومن البديهة ان الفرع لا ينفرد بالحكم ، والتابع لا يستقل بالجعل.
أقسام الحكم الوضعي
قال من قال :
إن الأحكام الوضعية تنحصر بالسببية والشرطية والمانعية. وقال آخر : هي أكثر من
ذلك. وقال ثالث : لا يبلغها عدّ ولا حد. وإن صحّ بأن الأحكام تتبع الأسماء عند
الخلو من القرائن ـ فكل ما يصدق عليه اسم الحكم وعنوانه بلا قرينة فهو وضعي شريطة
أن تناله يد الجعل ، وأن لا يكون من نوع التكليف.
وبهذا يتضح
معنا أن الرخصة والعزيمة ليستا من الوضع في شيء ، لأن الرخصة إباحة في واقعها ،
والعزيمة التزام بما أوجب الله وحرم ، وعليه فهما من الأحكام